أثر برس

بعدما شعرت بالبرود الأمريكي تجاهها.. “قسد” تتعلق بـ”قشة الإئتلاف” وطرح جديد لتقسيم مناطق شمال شرق سوريا

by Athr Press G

خاص|| أثر برس طرح القيادي في مجلس سوريا الديمقراطية “رياض درار”، قبل فترة مقترحاً بإقامة إدارتين ذاتيتين في مناطق شمال شرق سوريا (شرقية – غربية)، في محاولة لإقناع “الائتلاف المعارض”، ومن خلفه الحكومة التركية بنوع من الحلول القائم على اقتسام مناطق محافظتي الحسكة والرقة.

الطرح الذي أطلق قبل نحو أسبوع من الآن لم يمر مرور الكرام بحسب مصادر كردية، إذ طرح من قبل “قسد”، على فريق وزارة الخارجية الأمريكية الذي يتمركز في قاعدة “هيمو”، بريف مدينة القامشلي الغربي، إلا أنه لم يلق آذاناً صاغية لدى واشنطن لكونه غير منطقي وغير قابل للصرف على أرض الواقع حالياً، وليس لكونه مقترحاً يؤصل للانقسام في سوريا، إذ رأت “قسد”، أنه في حال التوافق مع الائتلاف على إعلان إدارتين ذاتيتين متحالفتين تكون الشرقية منها تحت إدارة “قوات سوريا الديمقراطية” كما هو الحال الآن، والغربية تحت إدارة الإئتلاف المعارض، ستشكل ضغطاً أكبر على الحكومة السورية وستكونان خطوة حقيقية نحو “فدرلة سوريا”، وتقسيمها بفعل الأمر الواقع إلى “إدارات ذاتية”، ولا يعارض الأمريكيون الفكرة وإن كانوا لم يتجاوبوا معها، إلا أن الأمر يتعلق بالنسبة لواشنطن بمدى تجاوب “الائتلاف” مع هذه الفكرة التي لم تفكر بها الحكومة التركية سابقاً لكونها لا ترغب بوجود أي فصيل كردي مسلح مرتبط بـ “حزب العمال الكردستاني”، في المناطق القريبة من الشريط الحدودي.

تعطل الحوار “الكردي – الكردي”، الذي تحاول واشنطن أن تعيده للحياة مرة أخرى يشكل عامل ضغط على “قسد”، نفسها وإن كانت هي الجهة المعطلة لهذا الحوار كرد فعل على تصريحات من أعضاء “المجلس الوطني الكردي”، يؤكدون فيها أن من يحكم شمال شرقي سوريا هم “كرد غير سوريين”، إضافة لخروج أنصار “المجلس”، المقرب من أنقرة والذي يعد جزءاً من الائتلاف في مظاهرات ضد “الإدارة الذاتية”، الأمر الذي أسقط الحوار بالنسبة لـ “قسد” حتى إشعار آخر، ومع ارتفاع حدة التهديدات التركية لمناطق الشمال من محافظتي الحسكة والرقة يشير طرح “درار” إلى أن “قسد”، تجد نفسها محاصرة أكثر من أي وقت مضى نتيجة للبرود الأمريكي تجاه ما يهدد وجودها في المناطق القريبة من الحدود ما يحصر خياراتها بالبحث عن ضمانات الحماية بـ “القوات الروسية”، أو البحث عن صيغة توافقية مع تركيا عبر الائتلاف، وإذا ما كان الأخير على استعداد لمناقشة مثل هذا الطرح فإن ذلك يعني ضرورة موافقة الحكومة التركية عليه، فـ “الائتلاف”، ليس جهة صاحبة قرار.

خيار المواجهة بالنسبة لـ “قسد”، لا يأتي من فائض قوة يمكنها أن تستخدمه ضد القوات التركية الراغبة بالتوسع الجغرافي في الشمال بحجة محاربة التنظيمات الإرهابية في إشارة إلى الوحدات الكردية تحديداً لارتباطها بحزب العمال الكردستاني، بل هو خيار الأمر الواقع غير القادرة على ممارسته لفترة طويلة لعدة عوامل، من أبرزها عدم تدخل القوات الأمريكية لصالحها كما حدث في معاركها ضد تنظيم “داعش”، إضافة إلى غياب قدرتها على مواجهة مفتوحة مع قوة عسكرية تمتلك سلاح الطيران، والتجارب السابقة في عفرين وكل من رأس العين وتل أبيض على التوالي، أثبت أن القدرة القتالية لـ “قسد”، محدودة جداً ولا تمتلك خيارات تكتيكية تمكنها من الحفاظ على المناطق التي تسيطر عليها، وغالباً ما ستتجه نحو الانسحاب من النقاط التي تهاجمها تركيا إذا لم يحدث تدخل دولي يمنع أو يوقف العدوان التركي المحتمل على الشمال، ولا تمتلك “قسد”، رفاهية الخيارات السياسية التي تتحدث عنها، فـ “حوارها مع دمشق”، لا يمكن إلا بموافقة أمريكية، فقادة “قسد” الذين يطرحون أنفسهم كحاملي فكر وطني عبر وسائل الإعلام لا يملكون القدرة على تطبيق ما يقولونه على أرض الواقع، والأمر يجعل من “قسد”، جهة تنفيذية أيضاً ليس أكثر.

طروحات الفدرلة التي تطلقها “قسد”، بخيارات متعددة في محاولة منها لتحصيل اعتراف من بقية مكونات المعارضة بكل أشكالها بـ “قسد”، كجهة معارضة هو أقصى الطموحات التي يذهب إليها قادتها المرفوضون على طاولة الحوار من قبل كل أطراف الملف السوري، إذ لم تدعَ “قسد”، على الرغم من احتلالها لمساحات واسعة من الشمال الشرقي من سوريا، وفتحها الحدود أمام الوفود الأجنبية لتدخل للمنطقة، إلى أي مناسبة تختص بالحوار حول الأزمة السورية، وعلى الرغم من كونها مقربة من واشنطن إلا أن الأخيرة لم تذهب نحو إلزام الأمم المتحدة بمنحها كرسياً كطرف معارض مستقل عن بقية المعارضة لا في حوارات جنيف ولا في لجنة مناقشة الدستور، ما يوجب على قادة “قسد”، أن يفهموا أن دورهم الوظيفي مرهون بالبقاء الأمريكي في سوريا، وليس ثمة نية لدى أي من الأطراف لدعم مشروع “فدرالية كردية”، أو تحت القيادة الكردية، والأمر ليس انتقاصاً من المكون الكردي وإنما لمعرفة أن من يضع نفسه في واجهة قيادة هذا المكون هم من الشخصيات المرتبطة بمنظمة موضوعة على لائحة التنظيمات الإرهابية مثل حزب العمال الكردستاني، إضافة لعدم وجود مستقبل للقوى الكردية في قيادة المنطقة الشرقية من سوريا لكونها غير مرغوب بها من بقية المكونات، وما يحدث الآن أن الأمر الواقع يفرض نفسه بقوة السلاح الأمريكي على مكونات المنطقة السياسية والاجتماعية.

محمود عبد اللطيف

اقرأ أيضاً