خاص || أثر برس
يعتبر الإعلان عن القضاء على تنظيم “داعش” مرحلة مفصلية بالنسبة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” كونه تسبب بفتح ملفات جديدة يبدو أن “قسد” لم تعد قادرة على السيطرة عليها، منها ما يتعلق بتنظيم “داعش” كملف المختطفين الذين اختطفهم التنظيم سابقاً، ومنها ما يتعلق بصفوف “قسد” الداخلية والانقسامات التي تشهدها وأخرى تتعلق بمواقف الأهالي من وجود هذه القوات التي يدعمها الاحتلال الأمريكي في مناطقهم والمظاهرات التي خرجت نتيجة ممارساتهم التعسفية بحق المدنيين.
وبالنسبة للملفات المتعلقة بتنظيم “داعش” فـ”قسد” إلى جانب “التحالف الدولي” إلى الآن لم تقدم معلومات لذوي المختطفين الذين كانوا موجودين لدى التنظيم، إضافة إلى غياب “الأمراء” من بين مسحلي “داعش” الذين أسرتهم “قسد”.
وفيما يتعلق بصفوف “قسد” الداخلية، فما إن تم الإعلان عن القضاء على “داعش” وإذ بالخلافات الداخلية بدأت تنكشف، حيث جرى الحديث حينها عن نية “قسد” بالتخلص من المكون العربي والاحتفاظ بالمكون الكردي، إضافة إلى الخلافات بين قياديي “قسد” حول المصير الذي يجب أن يختاروه، فمنهم من يصر على الاستمرار بالتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية ومنهم من يرغب باستئناف المحادثات مع الدولة السورية مشددين على خذلان الولايات المتحدة لهم وأن أمريكا حليف لا يمكن الوثوق به، حيث نقل موقع “المونيتور” الأمريكي عن المسؤول حميدي دهام الهادي، الذي يقود إحدى المجموعات التابعة لـ”قسد” تأكيده على أنه مستعد للعودة إلى الدولة السورية، وأنه يسعى للتواصل معها، وتطورت هذه الخلافات فيما بعد لتتحول إلى تخوفات من حدوث انقلابات داخلية، حيث أفادت مصادر خاصة لبعض المواقع بأن “قسد” نقلت مستودعات معسكرات التدريب والنقاط الواقعة في كل من “تل بيدر – رميلان”، إلى مدينة رأس العين، مضيفة أنها نقلت عتاداً وذخيرة من مدينة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، نحو حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، كإجراء احترازي خوفاً من انقلابات العشائر العربية المنضوية في “قسد”.
أما فيما يتعلق بمواقف الأهالي من وجود “قسد”، فمنذ أن تم الإعلان عن انتهاء وجود “داعش” في أراضي شرق الفرات، بدأ أهالي تلك المنطقة بالتعبير عن رفضهم لممارسات “قسد” اتجاههم، وما إن تطورت هذه الممارسات إلا وبدأ الأهالي بالخروج بمظاهرات تطالب بإلغاء وجود لـ”قسد” في أراضيهم، إذ تلجأ الأخيرة إلى تفريق المتظاهرين بالرصاص الحي ما يسفر عن وقوع ضحايا في صفوف المدنيين.
في ظل جميع هذه الملفات، لاتزال “قسد” تحظى بدعم مستمر من الإدارة الأمريكية، ولا تزال ملتزمة بالأوامر الأمريكية التي تُملى عليها، لكن في الفترة الأخيرة بدأت تظهر بوادر تخلي الولايات المتحدة عن “قسد” كان أولها إعلان صحيفة “واشنطن بوست” عن أن الإدارة الأمريكية ستستمع إلى مطالب تركيا بشأن ما يسمى بـ”المنطقة الآمنة” شمالي سورية، إذ تتعلق هذه المطالب بإبعاد القوات الكردية عن الحدود التركية، وبعد ذلك بوادر تخلي الأمريكان عن “قسد” بدأت تتضح أكثر، وذلك بعد الكشف عن أن القوات الأمريكية طردت “قسد” من حقل غاز كونيكو في ريف دير الزور إذ بات الحقل ومحيطه خالياً تماماً من عناصر “قسد”.
وبهذا تكون “قسد” بين ثلاث مآزق أساسية أولها هو كيف ستغلق ملف مختطفي “داعش”؟ وكيف ستتعامل مع مظاهرات الأهالي المستمرة؟ وما مصيرها إذا تخلت أمريكا عنها؟ فإن لم تتخل واشنطن عن “قسد” فواضح من خلال إجراءاتها الأخيرة أنها تهمشها تماماً وتتعامل معها على أنها مجرد أداة وورقة بين يديها تبتز بها الآخرين.
هذا الواقع الذي تعيشه “قسد” يبدو أنه بدأ يهدد وجودها، أو ربما يفرض عليها خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تنصاع للأوامر الأمريكية وتقبل بأن تكون مجرد أداة بلواشنطن دون أن يكون لها مستقبل واضح ف يالمراحل القادمة، أو تقبل بالعودة إلى الدولة السورية وتستمتع لمطالب الأهالي وتعيد المناطق التي تسطير عليها للدولة، إذ أن فرصتها مع الدولة السورية لم تنته إلى الآن بما أن الأخيرة لم تقدم بعد على أي عمل عسكري لاستعادة أراضيها شرق الفرات.
زهراء سرحان