رحّب البيان الختامي للقمة العربية الـ32 في مدينة جدّة السعودية، بعودة سوريا إلى مكانتها في الجامعة العربية باتفاق كل الدول الأعضاء في المنظمة الإقليمية، بما فيها المغرب الذي كان رافضاً في وقت سابق لمساعي السعوديّة المبذولة في استعادة دمشق مقعدها في الجامعة العربية.
واعتبر الخبير السياسي هشام معتضد أنّ “مصادقة المغرب على البيان الختامي الذي رحّب بالعودة السورية مؤشر على كون الرباط تعتمد مقاربة البناء والتواصل ومد الجسور في سياستها الخارجية، وتفتح الطريق لخلق السياقات الممكنة لبناء عمل عربي مشترك لمواجهة التحديات المشتركة”، وفقاً لما نقلته صحيفة “هسبريس” المغربية الرسمية.
ولفت الخبير المغربي، إلى أنّ “عدم عرقلة المغرب عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية يجعل دمشق مطالبة أكثر من أي وقت مضى بإعلان موقف إيجابي يتعلق بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية”.
وأشار معتضد إلى أن “تحوّل الموقف السوري من قضية الصحراء المغربية لصالح الرباط أمر وارد جداً بالنظر إلى إبداء دمشق استعدادها ورغبتها في استرجاع مكانتها ضمن المنظومة العربية، وخاصة أن ما تضمنه “إعلان جدة” جاء تكريساً لما عبّرت عنه المملكة مراراً من أن مسألة سيادة الدول ووحدتها الترابية لا تقبل الاصطفاف في المناطق الرمادية”.
ويأتي ذلك بعد استبعاد المغرب من اجتماع جدة التشاوري الذي انعقد في 14 نيسان الفائت، إذ كانت السعودية تسعى إلى حضور سوريا في القمة العربية، وهذا واجه رفضاً مغربياً وقطرياً قاطعاً حينها، توازياً مع الرؤية الأمريكية والغربية في استمرار إطباق الحصار على سوريا، في وقتٍ رغبت فيه السعودية أن تكون القمة ناجحة بالتزامن مع توجّهات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
كما جاء استبعاد الرباط حينها، في وقتٍ اعتادت فيه دول الخليج استدعاء المغرب للمشاركة إلى جانب الأردن ودول الخليج في القرارات العربية المهمة، إذ “أرسى الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز هذا التقليد بعد اندلاع أحداث 2011، وتم الاتفاق على احتضان المغرب سياسياً واقتصادياً رفقةَ الأردن لخلق تماسك بين الأنظمة الملكية”، وفقاً لما نقلته صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية.
ورجّحت الصحيفة حينها أن “استبعاد السعودية للمغرب السعودية بسبب تحفظ المغرب على ميله الكبير لسياسة واشنطن في الظروف الحالية، بينما تريد دول الخليج تبني سياسة تناهض بصمت القرارات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، ولا ترغب الرياض في تشويش الرباط عن هذا التوجّه الحالي”.
وقبل قمة جدة، تحدثت صحف مغربية عن اشتراط المغرب لموافقته استعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية، بتقليل دعمها لجبهة البوليساريو، وهي الحركة التي تنازع المغرب السيادة على “الصحراء الغربية”، المستعمرة الإسبانية السابقة، وهذا ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن مسؤولين عرب، أن “المغرب يريد من سوريا إنهاء دعمها لجبهة “البوليساريو” الانفصالية التي تريد استقلال الصحراء الغربية، قبل القبول بعودتها إلى الجامعة العربية”.
وتعليقاً على طبيعة الخلافات السورية– المغربية، بيّن مصدر دبلوماسي سابق (فضل عدم الكشف عن اسمه) في وقت سابق لـ”أثر”، أنّ “النظام السياسي في المغرب يريد من سوريا، موقفاً من الصعب أن يتم إعطاؤه لهم، كاشفاً عن محاولات مغربية جرت لفتح قنوات تواصل بوساطة سلطنة عُمان في مسألة تأكيد سوريا لوحدة التراب المغربية.
وأوضح المصدر، أنه “في الآونة الأخيرة لم تتدخل سوريا في مسألة “البوليساريو” إطلاقاً حتى في الاجتماعات الدولية، نظراً إلى أن مسألة الصحراء الغربية حساسة جداً للجزائر أيضاً، وليس لسوريا أيّ مصلحة إطلاقاً بأي علاقات توتر في المنطقة خاصة مع الجزائر”.
أثر برس