زياد غصن || أثر برس لجأت الحكومة في مواجهة أزمة المشتقات النفطية المتجددة دورياً إلى تنفيذ إجراءات ترشيد شملت تخفيض مخصصات جميع الآليات من مادتي البنزين والمازوت، سواء المدعوم منها أم غير المدعوم، وكذلك الحال بالنسبة لمخصصات السيارات والآليات الحكومية.
وهذه إجراءات، ورغم تأثيراتها السلبية على حركة النقل للأشخاص والبضائع، إلا أنه يمكن تقبلها في ضوء الظروف الاقتصادية الصعبة الي تمر بها البلاد، لكن عملياً فإن إجراءات الترشيد تلك كانت نتائجها تذهب سدا مع استمرار زيادة أعداد السيارات الموضوعة في الاستهلاك المحلي رغم وجود قرار منذ العام 2011 بوقف استيراد جميع أنواع السيارات.
وتالياً فإن زيادة أعداد السيارات في البلاد لا يتعلق بزيادة الاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية وإنما في زيادة الطلب على القطع الأجنبي لتسديد ثمن تلك السيارات عند دخول تلك السيارات إلى البلاد تحت أي صيغة، والحاجة إلى استيراد المزيد من قطع التبديل.
بالأرقام، وحسب ما حصل عليه “أثر برس” من بيانات إحصائية خاصة، فإن عدد السيارات السياحية الخاصة ازداد مع نهاية العام 2022 نحو 42397 سيارة مقارنة مع عددها بنهاية العام 2021، والسيارات السياحية العامة ازداد عددها نحو 600 سيارة خلال الفترة نفسها، كذلك الأمر بالنسبة إلى السيارات الحكومية التي زاد عددها نحو 534 سيارة، أما السيارات التي تدخل بموجب قانون الاستثمار ازداد عددها هي الأخرى نحو 159، والإدخال الموقت 67 سيارة.
بالمحصلة، فإن عدد السيارات السياحية خلال العام الماضي ارتفع نحو 43839 سيارة، وعليه يمكن استنتاج ما يلي:
-إذا اعتبرنا أن و سطي استهلاك السيارة الواحدة من البنزين فقط 100 ليتر شهرياً، فهذا يعني ببساطة أن هذا العدد من السيارات تسبب بزيادة استهلاك البلاد من مادة البنزين بحوالي 4.4 ملايين ليتر شهرياً، أي ما معدله يومياً أكثر من 146 ألف ليتر.
-أما بالنسبة لتكلفة هذه السيارات، فإننا سوف نفترض أن معظم السيارات الخاصة والعامة والحكومية، التي سُجلت في العام 2022 كانت موجودة داخل البلاد ولم يجر استيرادها (مصادرات-سيارات حكومية- هدايا-شراء من المناطق الحرة…)، أي أنه جرى تسديد ثمنها بالليرة السورية، ومع ذلك فإن المبلغ الذي دفع يبقى كبيراً.
فمثلاً إذا اعتبرنا أن وسطي ثمن السيارة الواحدة 75 مليون ليرة فقط لا غير، فهذا يعني أن قيمة ما سدد ثمناً لتلك السيارات يتجاوز 3200 مليار ليرة، إنما جميع المؤشرات تؤكد أن الرقم أكبر من ذلك من قبيل المبالغ الخيالية التي دفعت ثمناً لسيارات طرحت ضمن مزادات حكومية، فضلاً عن ارتفاع أسعار السيارات نتيجة تقلبات سعر الصرف، هذا ولم نتطرق إلى قيمة ما سدد بالقطع الأجنبي ثمناً لبعض السيارات عند شرائها من خارج البلاد.
الرقم المقدر سابقاً يضاف إلى أرقام كبيرة أخرى، كمبيعات العقارات مثلاً، يجري تداولها واستثمارها خارج القطاعات الإنتاجية في وقت البلاد هي بأمس الحاجة إلى زيادة كمية السلع المنتجة محلياً بغية تأمين احتياجات السوق المحلية، تأمين المزيد من فرص عمل، رفع حجم الصادرات، وتنشيط العملية الاقتصادية. لكن من يهتم لكل ذلك، مادامت الحكومة غير معنية بفتح قنوات ادخارية واستثمارية إنتاجية تستقطب هذه الأموال الهائلة.