بثت رئاسة الجمهورية العربية السورية كلمة متلفزة للرئيس السوري بشار الأسد بعد معارك التحرير الأخيرة في حلب والتقدمات التي أحرزها الجيش السوري.
وجاء في نص كلمة الرئيس السوري بشار الأسد بحسب ما نقلته وكالة “سانا”:
كان لا بد من أن تدفع حلب ثمناً كبيراً يعادل عظمة شعبها ووطنيةَ موقفها…. سنوات من القصف العنيف والوحشي طال معظم الأحياء، عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، من اليتامى والثكالى والأرامل…. سنوات من الحصار دون ماء أو كهرباء أو غيرها من أساسيات الحياة لتركع حلب وليستسلم أبناؤها.
مع كل قذيفة سقطت سقط معها الخوف و ازدادت الرغبة بالتحدي… مع كل شهيد ارتقى، سمت الروح الوطنية و تجذر الإيمان بالوطن…. في عالمنا الواقعي بقيت حلب الحقيقية، حلب التاريخ و العراقة و الأصالة. ولأنها كذلك فإن شعبها لم يقبل بالصمود فقط بما يعنيه من تحمل للألم والمعاناة والخضوع للأمر الواقع، وإنما بما يعنيه من عمل وإنتاج استمر خلال سنوات الحصار.
صحيح أن الانتصار في معركة لا يعني الانتصار في الحرب، لكن هذا في المنطق العسكري المجرد الذي يبنى على النهايات والنتائج، أما في المنطق الوطني فالانتصار يبدأ مع بداية الصمود ولو كان منذ اليوم الأول، وبهذا المنطق فإن حلب انتصرت… وسورية انتصرت… انتصرنا جميعاً على الخوف الذي حاولوا زرعه في قلوبنا، انتصرنا على الأوهام التي حاولوا غرسها في عقولنا، انتصرنا على التفكك، على الحقد، على الخيانة، وعلى كل من يمثل هذه الصفات ويحملها ويمارسها.
نعي تماما أن هذا التحرير لا يعني نهاية الحرب، ولا يعني سقوط المخططات، ولا زوال الإرهاب، ولا يعني استسلام الأعداء… لكنه يعني بكل تأكيد تمريغ أنوفهم بالتراب كمقدمة للهزيمة الكاملة، عاجلاً أم آجلاً.
معركة تحريرِ ريفِ حلب وإدلب مستمرةٌ بغض النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال، كما استمرارُ معركة تحرير كلِ التراب السوري وسحق الإرهاب وتحقيق الاستقرار.
ونحن نعيش أوقات الفرح علينا أن نتذكر أن هذه اللحظات حققتها سنوات من الألم واللوعة والحزن، لغياب عزيز ضحى بروحه من أجل حياة وسعادة الآخرين، وإذ ننحني إجلالاً أمام عظمة شهدائنا وجرحانا، فإنه من واجبنا أن نقف احتراماً أمام عظمة عائلاتهم الجبارة.. وإذا كان النصر يهدى، فلهم، وإذا كان لأحد فضلٌ فيه، فهم أصحاب الفضل.
أحبتَنا وأهلنا في حلب، أهنئكم بانتصار إرادتكم، والتي بها سنخوض المعركة الأكبر، معركة بناء حلب، وبإرادة السوريين جميعاً سنبني سورية، وسنتابع التحرير بإذن الله.
تحية لكل فرد من أبطال جيشنا العظيم ومن خلفهم قواتنا الرديفة… تحية لصلابة أجسادهم في البرد والصقيع ونحن ننعم بالدفء والأمان. والتحية لأشقائنا وأصدقائنا وحلفائنا الذين كانوا مع الجيش كتفاً بكتف على الأرض ونسوراً حامية بالسماء.. فاختلطت دماؤهم بدماء جيشنا ورووا جميعاً أرض حلب، حلب الوفية لوطنها… الوفية لتاريخها… والتي لن تنسى دماءَ من ضحى لأجلها، وستعود كما كانت.. وأقوى.
انتهت الكلمة.
تجدر الإشارة إلى أن التقدم الأخير للجيش السوري أدى إلى تأمين كامل مدينة حلب من القذائف الصاروخية التي كانت تطلقها “جبهة النصرة” والمجموعات المسلحة على المدينة وأدت إلى سقوط مئات الضحايا والجرحى في صفوف المدنيين.