أثر برس

لا قطيعة ولا موقف مُعلن.. خبراء مصريون يوضحون عبر “أثر” حالة العلاقات المصرية-السورية

by Athr Press Z

خاص|| أثر برس قبل أسابيع من عقد القمة العربية المقبلة في الجامعة العربية، جدد وزير الخارجية فيصل المقداد، عبر لقاء متلفز، تأكيده على أن بلاده لا ترغب بإثارة ملف عودتها إلى الجامعة، وذلك وسط معارصة من قبل بعض أعضاء الجامعة لعودة سوريا، وبحسب تسريبات نشرها موقع “إنتلجنس أون لاين” الفرنسي فإن مصر من الدول الرافضة لعودة سوريا إلى مقعدها.

الحديث عن موقف مصري معارض لعودة دمشق إلى الجامعة، يعتبر مناقض للمرونة التي أبدتها سابقاً السلطات المصرية وعلى أعلى مستوياتها إزاء الدولة السورية، ففي أيلول 2021 التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري نظيره السوري فيصل المقداد، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 76، وعلّق شكري على هذا اللقاء بقوله: “نود أن نكون فاعلين في مساعدة سوريا على استعادة موقعها في الأمن القومي العربي” وفي تشرين الأول من العام ذاته، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن بلاده ترفض محاولات فرض سياسة الأمر الواقع في سوريا، وفي هذا الصدد، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي، خلال حديث لـ”أثر” أن: “العلاقات المصرية-السورية شهدت في الفترة الأخيرة تطورات نوعية، وبتقديري الشخصي الأمن يسبق السياسة فهناك اتصالات جرت بين رئيس جهاز الاستخبارات السوري اللواء علي مملوك ونظيره المصري عباس كامل، ولقاءات تمت بصور أخرى والقاهرة لديها مصادرها المباشرة في هذا الإطار”.

الفترة التي أبدت خلالها مصر مرونة إزاء التقارب مع سوريا، تزامنت مع مرونة إماراتية، لكن ما ميّز الموقف الإماراتي حينها أنه توّج بزيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، في تشرين الأول 2021 إلى دمشق والزيارات التي تلتها بين البلدين، لكن في الشهر ذاته، أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، من واشنطن، أنه لا ينوي زيارة دمشق، ليعلن فيما بعد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، أنه التوافق على عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية لا يزال غائب، مرجحاً إثارة العديد من المشاورات حول هذا الموضوع، ليحسم وزير الخارجية السوري هذا الجدل بقوله: “دمشق لا ترغب بإثارة ملف عودتها خلال المرحلة المقبلة”.

ما جرى خلال الفترة الأخيرة بين مصر وسوريا لا يشير إلى وجود قطيعة بين الجانبين، لكن في الوقت ذاته، لم تشهد دمشق أي تحركات مصرية سياسية فعلية على الساحة الدولية لصالح سوريا، وفي هذا الصدد لفت بعض الخبراء إلى أن الموقف المصري العلني مرتبط بتطورات يشهدها الشرق الأوسط بشكل عام ومصر بشكل خاص، التي باتت تعتبر أكثر دولة عربية مديونة، ومن أهم التطورات التي شهدتها القاهرة هي زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، إلى مصر، التي تعهد خلالها بإنشاء استثمارات بقيمة 5 مليار دولار، وذلك بعد سنوات من توتر العلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى العلاقات التي تربط مصر بالسعودية، ويُضاف إلى جميع هذه التطورات، التقارير التي تؤكد وجود ضغوط أمريكية على الدول العربية لمنع التطبيع مع دمشق.

وسط الحديث عن اعتبارات معينة بخصوص الموقف السياسي المصري من سوريا، يؤكد المختصون أن العلاقات بين القاهرة ودمشق كانت فعّالة خلال الفترة السابقة على عدة مستويات، حيث قال الدكتور طارق فهمي، في هذا الصدد: “هناك عدة مستويات، المستوى الأول هو المستوى الرسمي الذي عبرت عنه تصريحات الرئيس السيسي شخصياً، عندما أكد حرص بلاده على تماسك الدولة السورية، والمتسوى الثاني هو المستوى المرتبط بالنقابات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني وبعضها زار سوريا في الفترة الأخيرة، والمستوى الثالث هو المستوى الاقتصادي”، كما لفت مدير المركز العربي للدراسات السياسية الدكتور محمد صادق إسماعيل، في حديث لـ”أثر” إلى أنه لدى مصر جالية سورية كبيرة ودخلت إلى مصر دون أي عراقيل وتم التعايش بين المصريين والسوريين بشكل جيد جداً، على خلاف بعض الدول التي تستقبل لاجئين سوريين.

بحسب رأي الخبراء المصريين فإن القاهرة لا يمكنها أن تعارض الرأي العربي، لكنها ترغب في الوقت ذاته أن تكون ضمن ركب الدول التي أعادت علاقاتها مع دمشق، وفي هذا الصدد قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي: “يجب أن نفهم في سياق القمة العربية المقبلة أن هناك حرص على استئناف العلاقات العربية-السورية لمواجهة التحركات الإقليمية” مضيفاً “أعتقد أن الكرة الآن ليست في ملعب سوريا وإنما في الموقف العربي، والدول العربية مُطالبة بتبني مقاربات رشيدة وواقعية لاستئناف سوريا لموقعها، وأرى أن القضية ليست في العالم العربي وإنما هناك ضرورة بأن تشارك سوريا في تحركات شرق المتوسط وضرورة أن تشارك في التحالف الثلاثي بين مصر والأردن والعراق وهذا الأمر مرشح بصورة كبيرة”.

يشار إلى أن مصر لم تتخذ خلال سنوات الحرب السورية أي إجراء ضد الدولة السورية، وبحسب المسؤولين فإن الاتصالات بين الجانبين لم تتوقف طوال هذه الفترة، وكذلك تشير الوقائع إلى أنه لا قطيعة بين البلدين، وإنما ثمّة اعتبارات تمنع القاهرة من اتخاذ موقف سياسي معلن ومؤيد للدولة السورية.

زهراء سرحان

اقرأ أيضاً