خاص|| أثر برس بين صعوبة تأمين الأسمدة الكيميائية من جهة، وارتفاع أسعارها من جهة ثانية، بات المزارعون أمام خيار وحيد متاح بأقل التكاليف وهو التوجه إلى السماد العضوي الطبيعي بوصفه الدعامة الأساسية لجميع أنواع الزراعات منذ القدم، حيث كان المزارعون القدامى يعتمدون على روث الحيوانات كالأبقار والأغنام والماعز والدجاج لتسميد التربة والحصول على منتج طبيعي مئة بالمئة.
وقال مزارعون في ريف طرطوس لـ”أثر”: “إن ارتفاع أسعار الأسمدة يثقل على فاتورة مستلزمات الإنتاج ويضاعف الحسبة الزراعية التي ستجعل المزارع يخرج بربح بسيط إن لم يخرج من موسمه (راس براس) بسبب ارتفاع تكاليف جميع مستلزمات الإنتاج”، مشيرين إلى أن الطن الواحد من الأسمدة الكيميائية ارتفع مؤخراً بحسب قرار من اللجنة المختصة في المصرف الزراعي التعاوني بنحو 400 ألف ل.س، ما سينعكس بالضرورة على سعر المنتج الزراعي.
وأكد المزارعون أن عدد كبير منهم بات يكتفي بالسماد العضوي الطبيعي بوصفه أكثر توفراً وأماناً على سلامة المنتج وجودته، شارحين أنه يتم ذلك عبر استخدام روث الأبقار والأغنام في تسميد الأرض، من خلال القيام بتجميع كميات من مخلفات الحيوانات على شكل “كومة” واحدة هرمية، يتم رشّها بالمياه مدة كافية حتى تتبلّل بشكل كامل وخروج السائل من أسفلها وتغطيتها بالنايلون أو غطاء بلاستيكي لمنع تسرب الهواء إليها.
وأكد المزارعون أن نجاح عملية التخمير يعتمد على تصاعد البخار الحار من المكونات أثناء تحريكها وتقليبها، وتستغرق مدة عملية التخمير الجيدة ثلاثة أشهر للحصول على سماد كامل التحلل.
ولفت المزارعون إلى أنه بين منتصف أيلول ومطلع تشرين الأول يتم رفع النايلون وتقليب الروث بشكل جيد وتركه فترة قليلة ثم يمكن استعماله للمزارع والأراضي المراد تسميدها، مضيفون: “وفيما يتعلق بتصنيع سماد الطيور مثل فضلات الحمام والدجاج، يُنشف بالشمس ويقلب ويخلط مع التربة أو يوضع بعد ما يُنشف بالشمس داخل وعاء ماء يومين ويحرك وتسقى به النباتات”، مبينين أنه يتم استخدام سماد الدجاج لتخصيب التربة قبل الزراعة بمدة أسبوعين حيث يتم تقليب التربة ورشها قبل الزراعة.
وأكد المزارعون أن أفضل وقت للتسميد العضوي هو منذ بداية فصل الشتاء منتصف كانون الأول وحتى نهاية شباط.
بدوره، أكد رئيس اتحاد فلاحي طرطوس فؤاد علوش لـ”أثر” أن استخدام السماد العضوي مهم جداً للزراعات بكافة أنواعها، لكنه لا يغني عن استخدام الأسمدة المعدنية التي تعد مكمّلة للسماد العضوي، ولكل منهما دوره.
ودلّل علوش بأن السماد العضوي آزوتي وهو مهم للزراعة، لكن الأخيرة أيضاً بحاجة للبوتاس والفوسفور وغيرها التي توجد في الأسمدة المعدنية ولا بد من استخدامها للتربة.
وأكد علوش أن استخدام السماد العضوي دون المعدني، والعكس بالعكس، من شأنه أن ينعكس سلباً على جودة الإنتاج ومواصفات المنتج، مبيناً أن السماد العضوي مهم جداً في الإنتاج، والسماد المعدني يحسّن مواصفات المنتج.
من جهته، قال الخبير الزراعي أمجد علي لـ”أثر”: “يعد تسميد الزراعات من أهم العوامل الذي يحدد نوعية الإنتاج وجودته، والتسميد العضوي كان يستخدمه أجدادنا من دون إدخال تقنيات التسميد الصناعي والمكافحة الكيماوية، إذ أن تسميد الأرض في الوقت الملائم هو العامل الأساسي الذي يمكننا التحكم به للحصول على أفضل النتائج من الأرض”.
وبحسب علي، فإن التسميد العضوي هو حجر الزاوية في الزراعة، ويجب أن يكون طبيعياً كما اعتاد الأجداد أن يحصلوا عليه، ولذلك يجب تربية بعض الحيوانات الأليفة باعتبار ذلك حلقة أساسية في دورة الزراعة العضوية، ومن أكثر الحيوانات الأليفة فائدة، الماعز الحلوب وخمسة منها يمكن أن تنتج حاجة المنزل إلى السماد العضوي لكن شرط أن لا يُقدَّم للماعز العلف المركب والمحتوي على نسب عالية من الهرمونات والعناصر الكيماوية ويعطي بدلاً من ذلك خلطة طبيعية من الشعير والتبن أو يقدّم له العشب إذا لم يكن ممكناً أخذه ليرعى العشب في الطبيعة.
وأضاف: “أما الدجاج فيمكن أن يوفّر مصدراً مهماً للسماد الطبيعي، بشرط ألا يقدّم له العلف المركب وأن يقتصر غذاؤه على القمح والذرة وبقايا الخضار والأطعمة المنزلية وربما الحشائش”، مؤكداً أن تربية الدجاج في مكان مغلق تعطي إنتاجاً للسماد أكبر مما لو كان الدجاج سارحاً في الطبيعة.
وتابع: “إضافة إلى المصدر الحيواني، بإمكان أي مزارع أن يوفّر ما يلزمه من أسمدة عضوية من خلال تخمير النفايات العضوية المنزلية وحشائش الحديقة ومخلفات عضوية أخرى كالكرتون وأوراق الشجر اليابسة ومخلفات محاصيل البقوليات التي تعتبر من الأسمدة الخضراء، مع إضافة بعض الأسمدة العضوية لها مثل سماد الدجاج والفوسفات الصخري الطبيعي، وسيتوفر من ذلك خليط ممتاز من السماد الطبيعي”.
وكان مدير عام المصرف الزراعي التعاوني الدكتور أحمد الزهري، أكد في تصريح سابق لـ”أثر”، أنه يوجد لدى المصرف الزراعي رصيد من الأسمدة يصل إلى 38000 طن من سماد يوريا 46٪، 10700 طناً من سماد نترات الأمونيوم 26٪، 5800 طن من سماد سوبر فوسفات إنتاج محلي، 1393 طناً من نفس السماد ولكن إنتاج الشركة الروسية المستثمرة لمعمل الأسمدة.
تجدر الإشارة إلى أن اللجنة المختصة في المصرف الزراعي التعاوني، رفعت مؤخراً أسعار الأسمدة ليصبح سعر الطن من سماد سوبر فوسفات 46% مخزون محلي 6.9 مليون ليرة، و11.3 مليون ليرة لنفس السماد من إنتاج الشركة الروسية المستثمرة لمعامل الأسمدة، في حين أصبح سعر الطن من سماد يوريا 46% 9.2 مليون ليرة، بينما ارتفع سعر الطن من سماد نترات الأمونيوم 26% مخزون 6.2 مليون ليرة.
صفاء علي ــ طرطوس