انتهى اجتماع جدة التشاوري الذي عُقد أمس السبت، بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست، بالإضافة إلى مصر والعراق والأردن، من دون التوصل إلى قرار حاسم بشأن استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية.
وكشف تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أمس، عن “وجود خلاف عربي حاد بشأن التقارب السعودي الأخير مع سوريا، اتضحت معالمه عقب اجتماع وزراء الخارجية العرب في مدينة جدة السعودية، لمناقشة قبول قبول إعادة سوريا في جامعة الدول العربية”.
ومن الواضح أن قطر كانت من أشد الدول اعتراضاً وثباتاً في موقفها الرافض من عودة دمشق إلى محيطها العربي، في وقتٍ قطعت فيه دمشق تطورات ملحوظة في علاقاتها الثنائية مع دول عربية عدة، وآخرها السعودية، عُقب زيارة وزير الخارجية فيصل المقداد إلى جدة بناءً على دعوة من نظيره السعودي فيصل بن فرحان.
وأصدرت الخارجية القطرية بياناً قالت فيه، إنه “تم التشاور وتبادل وجهات النظر في الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، يضع حداً لمعاناة الشعب السوري الشقيق، ويعالج تداعياتها كافة، ويحافظ على وحدة التراب السوري”.
وفي هذا الإطار، انتقد د. إسماعيل صبري مقلد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في القاهرة، الموقف القطري المعارض بقوة وإصرار لإعادة سوريا للجامعة العربية، مشيراً إلى أنها هي نفسها من سبق وأدت الدور الأكبر في تجميد عضويتها فيها منذ عام 2011، وفقاً لما نقلته صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية.
وأضاف مقلد، أن “الجميع كان يتصور أنها ستغير موقفها في المؤتمر المنعقد في جدة لبحث هذا الموضوع، وسوف تنزل على قرار الأغلبية وتتجاوب مع التوجه العربي العام الداعم لعودة سوريا إلى الجامعة بعد سنوات طويلة من المقاطعة والاستبعاد في ظروف واقع عربي سيئ لم يعد يحتمل”.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن “رئيس وزراء قطر دافع عن قرار دولته بأن الأسباب التي دعت إلى تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ما تزال قائمة، ومن ثم، فإنه لم يطرأ جديد يبرر عودتها الآن”، مشيراً إلى أن “رئيس وزراء قطر يقصد بطبيعة الحال موقف الدولة السورية من المعارضة السياسية، وهو الموقف الذي استدعي فرض هذا الإجراء”.
وقال: إن “الموقف القطري من عودة سوريا إلى الجامعة العربية يتطابق مع الموقف الأمريكي ويدعمه بمثل هذا الغطاء السياسي من دولة عربية خليجية، حتى وإن انفردت بموقفها عن سائر الدول الخليجية والعربية الأخرى”.
وتابع قائلاً: “إذا كانت دوافع أمريكا من رفض التطبيع مع سوريا مفهومة، فما هي دوافع قطر؟ وما هي مصلحتها في عدم عودة سوريا إلى الجامعة العربية؟ وهل هي أحرص على مصالح السوريين وعلى حقوقهم وحرياتهم من السوريين أنفسهم، وهم من رأوا في عودة سوريا إلى حاضنتها العربية الكبيرة بارقة أمل بعد كل هذا الخراب الذي حل ببلدهم ودمّر لهم حياتهم في ظل مقاطعة عربية شاملة لهم؟“.
وخلُص مقلد إلى أنه “ليس من المعقول أو المقبول أو من العدل في شيء، أن يقف رفض دولة عربية واحدة كقطر، حجر عثرة في طريق عودة سوريا للجامعة للدفع بعملية لم الشمل العربي قدماً، وإنهاء فصل دامٍ ومأساوي في السياسة العربية من مخططين ومحرضين وداعمين ومنفذين ومعاونين”.
واختتم مؤكداً أن “المنطق والصالح العربي العام يقضي بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، ووقتها يكون من حق قطر أن تقيم أو لا تقيم علاقات دبلوماسية كاملة معها وفق ما تقتنع به لنفسها ولن يجبرها أحد عليه أو يضطرها إليه، فهو حق سيادي تنفرد به وحدها وليس من حق أحد أن يشاركها فيه، وبهذا تكون قد وفقت بين مسايرتها للتوجه العربي العام الداعم لعودة سوريا للجامعة، وبين حقها في تحديد موقفها الرسمي من الأوضاع الجارية في سوريا”.
يشار إلى أنه بعد افتتاح الإمارات والبحرين سفارتيهما بدمشق، في كانون الأول 2018، رفضت قطر تقارب بعض الدول الخليجية مع دمشق بصورة غير مباشرة.
وفي تشرين الثاني 2021، جددت قطرعدم نيتها تطبيع العلاقات مع سوريا، وأعربت عن أملها في “عدم تشجع الدول الأخرى على مزيد من الخطوات مع دمشق”، وفق ما نقلته وكالة “رويترز” حينها.
وقال رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في لقاء مع تلفزيون قطر الرسمي، الخميس الماضي، إنّ “لكل دولة قرارها السيادي بشأن التطبيع مع الدولة السورية”، مشيراً إلى أن “موقف دولة قطر من دمشق واضح ولم يتبدل”.
أثر برس