خاص || أثر برس يواصل ماراثون الحصول على مقعد في السرفيس في دمشق وريفها التفاقم يوماً بعد يوم، حتى أصبحت الشوارع تغص بالركاب الذين لا يجدون وسيلة نقل تقلّهم إلى عملهم.
الحكاية تبدأ في صباح كل يوم بتجمع عدد كبير من الركاب منتظري السرافيس وباصات النقل الداخلي في الساحات والمواقف الخاصة بهذه الوسائل، وما إن يظهر السرفيس أو الباص، حتى يبدأ المنتظرون بالتحضر وحجز أمتعتهم بين أيديهم تجنباً للنشل أو العطب ويتجمعون في نقطة وقوف السيرفيس تحضيراً لعمليات القفز والدفش والفوز بمقعد أو حتى نصف مقعد.
4 خطوط في المزة لا تحل المشكلة:
يُعتبر خط المزة من أكثر الخطوط تنوعاً، حيث تخدمه 4 خطوط هي (مزة 86 مدرسة – مزة 86 خزان – مزة جبل كراجات – مزة فيلات غربية)، وعلى الرغم من هذا التنوع والوفرة في الخطوط والسرافيس إلّا أنّه ليس من السهل الحصول على مقعد للركوب في الفترة الصباحية أو فترة بعد الظهر.
يقول مصطفى لـ “أثر برس” وهو أحد المخضرمين في الحصول على مقعد في السيرفيس: “الوضع أصبح مأساوي بالنسبة لنا كموظفين في القطاع الخاص، نحن مُطالبون بالوصول إلى عملنا الساعة 8 صباحاً في ظل هذه الأزمة، لذا يتوجب علينا الخروج يومياً قبل ساعة ونصف من منزلنا لنتمكن من الوصول في الوقت المحدد، مع العلم أنّه في الحالة الطبيعية فإنَّ المسافة بين منزلي ومكان عملي لا تتجاوز نصف الساعة في السرفيس”.
وتابع مصطفى “الكارثة لا تنتهي عند حدود مواصلات الصباح بل تمتد إلى فترة بعد الظهر ورحلة العودة إلى المنزل، كل يوم هناك تجمع شعبي كبير عند موقف سانا وقد ننتظر أحياناً مدة ساعتين حتى نحظى بمقعد”.
وعزا مصطفى الكوارث الحاصلة في المواصلات العامة إلى سببين، الأول هو التساهل من قبل المعنيين بحل المشكلة، فبرأيه عندما يهتمون تكون “فورة مؤقتة” وتنتهي حالها حال البسطات، والسبب الثاني هو تعاقد نسبة كبيرة من السرافيس مع المدارس والمعاهد، بحسب تعبيره.
الريف ليس أفضل حالاً:
وبالانتقال إلى ريف دمشق وتحديداً جرمانا، لا تختلف المعاناة عمّا يحصل في المدينة، بل تتضاعف المشكلة أحياناً بسبب عدد السكان الكبير إن كان سكان أصليين أو طلاب جامعات أو عائلات ممن خسروا منازلهم في الحرب واستقروا في جرمانا، حيث يخدّم المنطقة خطّان (جرمانا باب توما – جرمانا كراج الست).
وتتحدث “مريم” إحدى قاطنات جرمانا لـ”أثر” عن هم المواصلات الذي تعيشه يومياً والذي يفوق همها في إنهاء رسالة الماجستير التي تعمل عليها فتقول: “وصلنا لمرحلة أصبح فيها البحث عن سيرفيس يحتاج إلى مصباح علاء الدين”.
وأضافت “في معظم الدول يقولون عنه محظوظ من يحظى بفرصة عمل مهمة أو بمجال دراسي في جامعات مهمة والكثير من التفسيرات لفكرة الحظ، بينما هنا فالشخص المحظوظ هو من يحصل على فرصة الحصول على توصيلة في المواصلات العامة ويتمكن من تحويل يومه إلى 9 ساعات دوام بدلاً من 12 ساعة”.
واستغربت مريم خطوة تركيب أجهزة الـ GPS على السرافيس التي زادت الطين بلَّة ولم تغيّر من الحال بل زادته سوءاً، وأصبح سائقو السرافيس يعتذرون وهم مصطفون من الركاب بعبارة واحدة: “ما عبولنا مازوت اليوم”.
المشكلة تحتاج علاج وليس لوم:
ومن جهته، يقول صاحب أحد السرافيس لـ”أثر” وفضّل تعريفه بأبو أحمد: “المشكلة ليست منا نحن كمالكين أو سائقي سرافيس، بنهاية الأمر لدينا عائلة ونريد أن نعمل لنطعمها ولا نشعر بالفرح عندما لا نعمل”.
وأضاف “المشاكل التي تحصل معنا هي بسبب تأخر الدور في تعبئة المازوت، وكلما أصاب أجهزة الـ GPS عطل يحرموننا من تعبئة المازوت فنضطر للتوقف عن العمل، لأن تعبئة المازوت الحر مكلفة أكثر وتتطلب منا أخذ ضعف الأجرة من الركاب وهذا صعب على الركاب وقد يتسبب بحجز السيارة في حال ورود شكوى من أي راكب”.
تكسي الركاب بديل لكنه مُكلف:
ومع ازدياد حاجة الأهالي الماسّة لوسيلة نقل تقلهم إلى أعمالهم أو منازلهم، وتجنباً للانتظار والدخول في معارك الصعود إلى السرفيس، انتشرت ظاهرة تكسي الركاب بشكل كبير في كل مناطق تجمعات الركاب والمواقف العامة.
وبالنسبة للركاب فهي ليست الحل الجيّد، فعلى سبيل المثال أجار السرفيس من البرامكة باتجاه المزة 500 ليرة بينما تكسي الركاب تحدد التعرفة بـ 5000 ليرة ما يقارب 8 أضعاف السرفيس، وهو ما يصعب على جميع الركاب اتخاذ هذه الوسائل نظراً لقلة الرواتب وارتفاع التكلفة المعيشية.
يُذكر أن مشكلة المواصلات العامة ليست جديدة ولكنها تزداد بشكل مستمر وسريع وذلك بسبب الضغط الحاصل من بقاء مناطق كثيرة في الريف غير مأهولة بسبب الدمار الكبير الذي حلَّ بها نتيجة الحرب ما أدى إلى استمرار الضغط على مناطق المدينة.
فراس معلا – دمشق وريفها