صدر عن الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن التي عُقدت في 25 من كانون الثاني الفائت، تصريحات من المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، أكد فيها أن الحل في سوريا لن يكون وشيكاً معرباً عن تشاؤمه من مسار الحل السياسي في سوريا، وذلك بالتزامن مع تطورات عدة تشهدها ملفات سياسية سورية عدة، وأبرزها التقارب العربي والتركي من سوريا.
هذه الجلسة تزامنت مع تحركات أمريكية سياسية عدة وكان بيدرسن حاضراً في بعضها، كالاجتماع الذي حصل بين ممثلين عن أمريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا لبحث الملف السوري في جنيف، وحضور أعضاء من “هيئة التفاوض المعارضة”، وذلك في الوقت الذي تشدد فيه واشنطن أنها تعارض أي عمليّة تطبيع مع سوريا، داعية كل من تركيا والإمارات إلى وقف عمليات التقارب من سوريا.
ووفقاً لما نقلته صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر مطلعة على مداولات الجلسة فثمّة تغيرات طرأت في الموقف التركي والسوري، مشيرة إلى تركيا وعلى عكس عادتها، لم تهاجم الدولة السورية في المصطلحات التي استخدمها مندوبها في كلمته، وكذلك المبعوث السوري لم تكن كلمته تحوي أي لهجة تصعيدية إزاء تركيا.
أما فيما يتعلّق بالجانب الأمريكي والغربي، أكدت مصارد “الأخبار” أن واشنطن شددت على “اللاءات الثلاثة” وهي: لا للتطبيع ولا لعودة اللاجئين ولا للتسوية الشاملة، ولفتت المصادر المطلعة على مداولات الجلسة إلى أن الدول الغربية لم تتجاوز الخطوط الأمريكية الحمراء، بينما عارضت الإمارات في الجلسة الموقف الأمريكي ودعت إلى الانتقال من مرحلة إدارة “الأزمة السورية” إلى مرحلة حلها.
جلسة مجلس الأمن لم تتزامن مع تحركات سياسية أمريكية فقط، إذ تترافق هذه التحركات أيضاً مع أخرى عسكرية في الميدان السوري، التي تحاول واشنطن فيها التشديد على أنها ليست بصدد الانسحاب من سوريا في هذه المرحلة، سيما من منطقة التنف الواقعة عن الحدود السورية- الأردنية- العراقية، حيث تعرّضت القاعدة الأمريكية في التنف مؤخراً لاستهدافات عدة، ومن المعروف أن واشنطن تعمد باستمرار إلى استخدام ورقة مخيّم الركبان بالقرب من التنف لتبرير وجودها في تلك المنطقة.
ووفقاً لمصادر “الأخبار” فإن كان لافتاً في هذه جلسة مجلس الأمن الأخيرة تركيز الجانب الأمريكي على ورقة مخيم الركبان مطالباً بتقديم المساعدة الماسّة لقاطنيه.
ويأتي التركيز الأمريكي على منطقة التنف في جلسة مجلس الأمن، في الوقت الذي شهد فيه مخيّم الركبان اجتماعات عدة بين القوات الأمريكية وشخصيات وفعاليات، في محاولة لاستكشاف إمكانية تأسيس “إدارة ذاتية” على غِرار القائمة في الشمال بقيادة “قوات سوريا الديمقراطية”، إلى جانب تكثيف الاجتماعات بين القوات الأمريكية وفصيل “جيش سوريا الحرة” في التنف التي تعرّضت القاعدة الأمريكية فيها مؤخراً إلى استهدافات عدّة.
يشار إلى أن الوجود الأمريكي في سوريا يتعرّض مؤخراً إلى عدد من الانتقادات الداخل الأمريكي خصوصاً في ظل توجّه عدد من الدول إلى تغيير موقفها من الدولة السورية، حيث نقلت سابقاً شبكة CNN الأمريكية عن مسؤولين عسكريين أمريكيين تخوّفهم من تعرّض قواعدهم في سوريا لمزيد من التصعيد، وأكدت دراسة نشرها معهد “هيريتدج” الأمريكي أن “خيارات واشنطن في سوريا باتت محدودة”، بينما لفت معهد “بروكينغز” الأمريكي للدراسات أن الوجود الأمريكي في سوريا وفي التنف تحديداً هو بمنزلة التزام عسكري لخدمة المصالح الأمريكية و”الإسرائيلية” في المنطقة.