بعد فشلها المتواصل في فرض سيطرتها على كامل المجموعات المسلحة في إدلب يبدو أن تركيا تسعى لإعادة هيكلة المجموعات المسلحة هناك مستعينةً بشخصيات أُزيحت عن المشهد العسكري في الفترة الأخيرة وإعطاء بعض الميزات لـ “جبهة النصرة” لتتمكن من فرض إمرتها عليها بشكلٍ كامل.
فبعد استقالة القائد العام لما يسمى بـ”حركة أحرار الشام”، المدعو “حسن صوفان” يعود اليوم محاولاً استئناف دوره القيادي في “الحركة” بعد ظهور بذور اتفاق مع قائد “جبهة النصرة”، “أبو محمد الجولاني”.
وعاد اسم “حسن صوفان” بعد خلافات داخلية ضمن “حركة أحرار الشام” وجاءت تلك الخلافات وفق ما نقلت صفحات تابعة للمجموعات المسلحة بعد قيام القيادة الحالية لـ”الحركة” بفصل القيادي فيها “عناد الدرويش” بسبب مطالباته بعودة “حسن صوفان” لقيادة “الحركة” وهو ما اعتبره القائد العام الحالي لها المدعو ” جابر علي باشا” انقلاباً عليه،
تلك التطورات تأتي في ظل دعم تقدم “جبهة النصرة” لإعادة “صوفان” والإطاحة بالقائد الحالي لها، حيث قالت “جبهة النصرة” عبر قنواتها على موقع تلغرام” أنه نتيجة التوتر العسكري، باشرت “الجبهة” بنصب عدة حواجز في المنطقة، في حين يؤكد مراقبون بأن “الجولاني” يسعى للسيطرة على “الحركة” من خلال “صوفان”.
وجاء ذلك بعد أن تفاقم الانقسام في صفوف “الحركة” ووصل إلى مرحلة الحصار والاستيلاء على مقرات لها من قبل الجناح المعارض التابع لـ”صوفان” حيث استولى الجناح المعارض على عدة مقرات في مدينة أريحا جنوبي إدلب، ومقرات في بلدة الفوعة في ريف إدلب الشرقي، حسبما نقلت تنسيقيات معارضة.
المجريات الأخيرة تأتي في سياق توافق قائد “جبهة النصرة”، “أبو محمد الجولاني” مع “صوفان” في إعادة انتاج هيكلية تنظيمية عسكرية جديدة في إدلب من خلال تقوية ما يسمى بـ “اللجنة العسكرية الثلاثية” التي أنشأها “صوفان” والتي تضم مندوبين من “فيلق الشام” و”أحرار الشام” و”جبهة النصرة” في خطوة تهدف مستقبلاً لإنتاج سلطة تندمج فيها كل الفصائل والمجموعات المسلحة، وتنتج عنها قيادة جديدة، كخطوة على إنهاء مسمى “جبهة النصرة” المصنفة على قائمة الإرهاب العالمي.
تلك التطورات تأتي في توقيت محرج جداً للأتراك بعد فشل تركيا بالوفاء بوعودها التي قدمتها لروسيا بتأمين طريق الـ “M4” بعد عدة تفجيرات استهدفت الدوريات الروسية هناك.
الخطة التركية بدمج تلك المكونات العسكرية ضمن جسم واحد تأتي لخدمة هدفين رئيسيين للأتراك الأول دمج “جبهة النصرة” المصنفة على قائمة الإرهاب العالمي ضمن تشكيل عسكري كبير والتخلص من كونها عائق أمام إبقاء قوات الاحتلال التركي ضمن إدلب كون “النصرة” مصنفة على قائمة الإرهاب العالمي، والهدف الثاني يتمثل بالقضاء على التشكيلات العسكرية التي لا تأتمر بإمرة المخابرات التركية والمتمثلة كالمجموعات التابعة لـ “كتائب خطّاب الشيشاني” التي قامت بتفجير العبوات أثناء مرور الدوريات الروسية على طريق “M4” وتقوم تركيا بذلك عبر شن حرب عسكرية على تلك المجموعات لتظهر بأنها أوفت بوعودها للروس بفصل التنظيمات “الإرهابية” عن ما تسميه بـ “الفصائل المعتدلة” وتمكنت على المقلب الآخر من الحفاظ على “جبهة النصرة” التي تشكل حالياً القوة المهيمنة في إدلب.
لكن السؤال هل سينجح “صوفان” باستعادة قيادة “الحركة” أم أن حرب داخلية جديدة تنتظر المجموعات المسلحة في إدلب وسيدفع ثمنها وكالعادة المدنيين العالقين هناك؟
رضا توتنجي