تسببت التطورات الأخيرة التي شهدتها سوريا وإيران والعراق ولبنان، بتزايد الحديث عن احتمال اندلاع حرب إقليمية واسعة، تصل ارتدادتها إلى مناطق الشرق الأوسط كافة.
وفي هذا السياق نشرت مجلة “إيكونومست” البريطانية تحليلاً لفتت فيه إلى أن “المخاطر تتصاعد بسرعة لاندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، خاصة منذ اغتيال القيادي بحركة حماس، صالح العاروري، في 2 كانون الثاني، بضاحية بيروت الجنوبية”، مضيفة أن “مما زاد من التوتر وعدم اليقين وقوع انفجارين في 3 كانون الثاني في مدينة كرمان الإيرانية أودى بحياة ما يقرب من 100 شخص بالقرب من مرقد قائد فيلق القدس السابق بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني”.
وفي الوقت نفسه، اعتبرت المجلة البريطانية أن الأطراف المعنية بهذا التصعيد، ما زالت تسعى إلى التهدئة وتجنب الحرب، مشيرة إلى أنه “على الرغم من أن اندلاع حريق أوسع نطاقاً بدا في بعض الأحيان أمراً لا مفر منه، فإن الجهود المبذولة لنزع فتيل الوضع لا تزال مستمرة”، موضحة أن “لدى الجميع أسباب مقنعة لتجنب التصعيد، إذ تخوض إسرائيل حملة دامية على الأرض في غزة وفقدت نحو 1400 مستوطن وجندي منذ 7 تشرين الأول”.
وفي سياق الحديث عن هذا التصعيد واحتمال توسعه إلى حرب شاملة، يبرز دور حزب الله في لبنان، إذ أكد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، في خطاب تلفزيوني ألقاه يوم الأربعاء 3 كانون الثاني، أن “المقاومة مستعدة للذهاب بالحرب إلى الأخير”.
وفي هذا الصدد أشارت صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أن “أجهزة العدو لم تتمكّن من تجاهل مواقف أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، الأربعاء الماضي، في الذكرى السنوية للشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، ورفع جيش العدو مستوى الجاهزية والاستعداد لمواجهة أي سيناريو، وأظهرت وسائل الإعلام في عناوينها الرئيسية عن حال تأهب قصوى وجاهزية عالية، إدراكاً بإمكانية أن تسلك التطورات مساراً مغايراً للتقدير لما كان سائداً قبل استشهاد الشيخ صالح العاروري ورفاقه”.
وأوضحت الصحيفة أن “استهدفت رسائل نصر الله مرحلة ما بعد الاعتداء في الضاحية، انطلاقاً من أنه كلما ارتفعت احتمالات التدحرج إلى حرب واسعة، كانت أكثر تأثيراً في قرارات المؤسّستين السياسية والأمنية في كيان العدو، إلى جانب ضرورة إيصال رسالة مباشرة إلى قيادة العدو حول ما سينتج عن رده التصعيدي على أيّ ردّ سيلي اعتداءه الأخير. وهكذا يتّضح أنّ المشهد الذي تشكّل في أعقاب الاعتداء يخالف كلياً تقديرات العدو وما كان يأمله ويسعى إليه”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “لعلّ أهم المواقف التي أعلنها نصر الله، تلك التي بدّدت محاولة العدو استغلال حرص حزب الله على تجنب الحرب انطلاقاً من مصالح وطنية لبنانية، بتأكيده أنه إذا شُنّت الحرب على لبنان، فإن مُقتضى المصالح الوطنية اللبنانية أن نذهب بالحرب إلى الأخير من دون ضوابط”.
من جانبها، أكدت مقالة نشرتها صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية أن “مشكلة حزب الله هو أنه أصبح كبيراً جداً في السنوات الأخيرة، وحتى الآن نجح حزب الله في طرد نحو 80 ألف إسرائيلي من منازلهم عند الحدود الشمالية، وهذا أمر غير مسبوق، إذ لم تقم إسرائيل قط في التاريخ بإخلاء الحدود بأكملها”.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر سياسية تأكيدها أن “اليمين الإسرائيلي المتطرف ما زال يطالب بانتهاز فرصة تجنيد قوات الاحتياط لتوسع الجبهة مع حزب الله، لكن الإدارة الأمريكية تلجم هذه النيات، وتصر على منع فتح جبهة حرب أخرى مع لبنان، لاقتناعها بأن مثل هذه الجبهة ستشعل حرباً إقليمية تهدد بحرب عالمية، وتؤكد أن الوسيط الذي أرسله الرئيس جو بايدن، عاموس هوكستاين، ما زال يبذل جهوداً حثيثة للتوصل إلى هدنة”.
بدورها أكدت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية أن الإدارة الأمريكية متخوفة من اندلاع حرب شاملة، وأفادت بأن أحد المسؤولين الأمريكيين شدد على أن “مخاوف الإدارة بشأن حرب أوسع نطاقاً في المنطقة ليست جديدة، وقال المسؤول إنّ الولايات المتحدة تشعر بالقلق منذ أسابيع بشأن تصاعد الحرب في غزّة”، وأضافت الصحيفة “أنّ هناك دلائل أخرى على أنّ الإدارة الأمريكية تشعر بالقلق إزاء تزايد تلك التهديدات، في أعقاب الهجوم الذي وقع في إيران يوم الأربعاء في محافظة كرمان، ووجه مسؤولون من البنتاغون إلى وزارة الخارجية ووكالات الاستخبارات بإرسال تقييم كيف يمكن لإيران أو حلفائها في الشرق الأوسط استهداف الولايات المتحدة أو حلفائها في المنطقة استهدافاً مُباشراً”.
وتزايدت حدة التصعيد بعد عمليات عدة نفذها الاحتلال الإسرائيلي في سوريا ولبنان، من دون أن يعترف بها رسمياً، ففي 2 كانون الثاني تم اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، في بيروت وبتاريخ 27 كانون الأول الفائت اغتُيل الجنرال في حرس الثورة الإيراني سيد رضي موسوي، بغارة جوية شنها على منطقة السيدة زينب بريف العاصمة دمشق، إلى جانب التفجيرين اللذين وقعا في محافظة كرمان في العراق بالقرب من مرقد القائد السابق لـ”فيلق القدس” الجنرال قاسم سليماني.
.