مع مباركة تركيا للعملية التي أطلقتها فصائلها ضمن غرفة عمليات مشتركة مع “هيئة تحرير الشام – النصرة سابقاً” وحلفائها على جبهات حلب وإدلب وحماة، تحدثت مصادر عن رغبة أنقرة بدخول مفاوضات مع دمشق تقود إلى تسوية سياسية كبيرة، بناءً على مقترحات من بينها، تشريع تركي لاحتلال حلب، بحيث تعيد تركيا بناء المدينة الصناعية في حلب، وهو من غير الممكن أن تقبل به دمشق.
ونقلت جريدة “الأخبار” اللبنانية، عن مصادر المعارضة الموجودة في تركيا، أنّ “المفاوضات السياسية بدأت اعتباراً من مساء السبت الفائت، حيث يتولّى العراق الجزء الرئيس من الاتصالات، بينما تنتظر تركيا وصول وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، لمعرفة مدى استعداد سوريا للتفاوض”.
المقترح تركي
ويقوم المقترح التركي على ستة بنود بعثتها عبر الوسطاء إلى سوريا وفق مصادر الجريدة اللبنانية، إذ دعت تركيا إلى “إطلاق مفاوضات سياسية مباشرة بين الحكومة و”المعارضة” ضمن سياق يهدف إلى تغيير سياسي”، وهو ليس جديداً، فوزير الخارجية التركي هاكان فيدان سبق أن صرّح بذلك، ومن ثم قال في تصريح آخر، أن التنسيق بين الحكومة والمعارضة ليس شرطاً للتقارب التركي- السوري.
والتزمت تركيا في البند الثاني بوضع جدول زمني لانسحاب قواتها من كل الأراضي السورية، وثالثاً: الاتفاق مع الحكومة السورية على ترتيبات أمنية تخصّ مناطق وجود الأكراد، وضمان عدم تهديدهم الأمن التركي.
وتعهّدت تركيا في البند الرابع، بـ “إعادة فرض قوانين الدولة السورية على كامل الأراضي السورية، بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، ولا سيما القوانين الناظمة لشؤون الناس وقطاعي المال والتعليم.”
أما في البند الخامس، تريد تركيا “فتح مدينة حلب لتكون منطقة صناعية وتجارية حرة، بحيث تتعهّد بالمساعدة في إعادة بناء المدينة الصناعية، على أن تسمح الحكومة السورية لرجال الأعمال السوريين الموجودين في مناطق المعارضة أو خارج سوريا بالعودة والعمل هناك، في مقابل تعهّد تركي بالسعي إلى إعفاء حلب من العقوبات الأمريكية” وفق زعمها.
وتحدد تركيا في البند السادس، وضع برنامج زمني انتقالي من أجل ترتيب الوضع السياسي من خلال طاولة حوار جديدة في جنيف.
مخطط أردوغان
وفي سياق عملية الاحتلال التركية عبر فصائلها للأراضي السورية، أوضحت مصادر ميدانية إلى جريدة “الأخبار” اللبنانية، أنّ “الهجمات الأخيرة على حلب وحماة، هي بمنزلة أوراق اعتماد تركيّة لهذه الفصائل لتكون البديل المناسب من “قسد”، وأضافت أنّ “أردوغان يريد أن ينشئ واقعاً ميدانياً في الشمال السوري، يُقنع ترامب باتخاذ قرار باستعجال الانسحاب من سوريا، مع منح الضوء الأخضر لتركيا لوراثة مناطق النفوذ الأمريكي في سوريا”.
وفي هذا الصدد، ترى مصادر مقرّبة من “قسد”، أن “تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان) عن جاهزية بلاده لمرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي، تُترجم عبر محاولة السيطرة على كامل الشريط الحدودي الشمالي، وطرح مسلحي الفصائل ليكونوا بديلاً من “قسد”، وفق ما نقلته الجريدة اللبنانية.
وأشارت إلى “وجود معطيات متواترة حول مخطط تركي لإطلاق عملية عسكرية للفصائل المسلحة في اتجاه منبج وعين العرب في ريف حلب الشمالي الشرقي”، لافتةً إلى أن “الطرقات في اتجاه مناطق سيطرة الجيش السوري من جهة حلب باتت مقطوعة، بالإضافة إلى عدم وجود قواعد أمريكية في هذه المناطق، ما سيعني محاولتهم استغلال ذلك لشن هجمات جديدة شمالي سوريا”.
وتشرح المصادر بشأن المخطط التركي، قائلةً: إن “تم تنفيذه فهو يهدف إلى حصر (قسد) في الحسكة ودير الزور اللتين تشهدان تواجداً أمريكياً، إلى حين معرفة موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من جدوى استمرار الوجود العسكري، خصوصاً أن تركيا عرضت في فترات سابقة إمكانية قيادة المعركة ضد خلايا “داعش” في سوريا أيضاً، والتكفل بملفي سجون ومخيمات التنظيم وعوائله”.
واحتل ما يسمّى بـ “الجيش الوطني” التابع لتركيا، مدينة تل رفعت الواقعة شمالي حلب، أمس الأحد، بعد تطويقها إثر عمليةً عسكرية، في حين أعلنت “الإدارة الذاتية” التابعة لـ “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” التعبئة العامة والتأهب الدائم في مناطق سيطرتها معتبرةً أن عمليات الفصائل المسلّحة لا تقتصر على منطقة معينة وإنما يهدد كل سوريا.
وأنشأت تركيا ما يسمّى بـ “الجيش الوطني” عام 2019، وضم المسلحين الذين استخدمتهم في عملياتها العسكرية باحتلال مدن “أعزاز والباب وجرابلس وعفرين ورأس العين وتل أبيض” الواقعة في شمالي سوريا، ويأتي إعلان بدء “عملية تل رفعت” بعدما صرّح أردوغان مرات عدة عن رغبته باستكمال مشروع “المنطقة الآمنة” التي أعلنها عام 2019.
أثر برس