خاص|| أثر برس استعرت نار الصراع الدائر في ريف حلب الشمالي الشرقي، في ظل إصرار المجموعات المتحالفة مع “هيئة تحرير الشام” على التحكم في معبر “الحمران” الذي يفصل مناطق سيطرة أنقرة وفصائلها في منطقة جرابلس عن مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” بريف منبج، والسيطرة عليه بشكل كامل دون أي تدخل من باقي الفصائل.
ويستمر الاقتتال في تلك المنطقة منذ خمسة أيام، إذ شهدت المنطقة عمليات قصف عنيف متبادل ما بين مجموعات “حركة أحرار عولان” التي كانت تُعرف سابقاً بـ “القاطع الشرقي في حركة أحرار الشام” وهي تابعة لـ”الهيئة”، والفصائل المنضوية تحت لواء “الفيلق الثاني” التابعة لـ “الجيش الوطني” الموالي لتركيا، بدأتها “أحرار عولان” مدعومة بباقي الفصائل المنضوية تحت لواء “تجمع الشهباء”، مساء الخميس الفائت، بسلسلة هجمات عنيفة على مقرات “أحرار الشام- الفيلق الثاني” ضمن محاور قرى “ثلثانة” و”عبلة” و”تل بطال” بريف منطقة الباب، والانطلاق منها نحو معبر “الحمران”.
الساعات الأربع والعشرون الماضية، حملت معها تصعيداً غير مسبوق في الصراع ما بين الفصائل، إذ أرسلت “هيئة تحرير الشام” مجموعة من المسلحين الأجانب إلى ريف حلب الشمالي الشرقي، من بينهم “أبو الفرج المصري” و”أبو عدي سرايا”، وفق ما ورد من معلومات متطابقة لـ “أثر”، ليعاود فصيل “أحرار عولان” شنّ هجمات عنيفة باعتماد الدعم الواصل إليه.
وتركز هجوم “أحرار عولان” ليلة أمس، باتجاه محور قرية “جب كوسا”، الأمر الذي قابلته قيادة “الجيش الوطني” التابع لأنقرة بإعلان الاستنفار العام وإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة إلى القرية، لتدور إثر ذلك معارك عنيفة استمرت إلى حلول فجر اليوم بين أطراف الصراع.
وشهد صراع المعابر بريف حلب تدخلاً مباشراً من القوات التركية، بهدف دعم فصائل “الفيلق الثاني” ضد حلفاء “الهيئة”، وجاء التدخل التركي على مراحل كانت بدايتها مع إرسال جنود مشاة ودبابات وآليات حربية إلى الطرق الرئيسة الواصلة من ريف حلب الشمالي الغربي إلى الشرقي، ونحو معبري “دير بلوط” و”قطمة” اللذين يفصلان مناطق سيطرة “الهيئة” في إدلب وريف حلب الغربي عن مناطق سيطرة فصائل أنقرة في الشمال.
وتكفّلت التعزيزات التركية بمنع معظم إمدادات “الهيئة” من الوصول إلى “أحرار عولان”، بينما تمثل التحول اللافت في التدخل التركي، بالاستهداف الجوي المباشر الذي نفذته طائرة تركية مسيّرة الليلة الماضية خلال الاشتباكات الدائرة في قرية “جب كوسا”، إذ ضربت الطائرة تجمعاً للمسلحين الأجانب القادمين من ريف إدلب، وتمكنت من قتل ثلاثة منهم، بينهم قيادي بارز في “الهيئة”.
وأدى التدخل التركي في معارك “جب كوسا” دوراً كبيراً في تمكن فصائل “الفيلق الثاني” من صد هجمات “أحرار علوان” وفصائل “تجمع الشهباء”، وإيقاع خسائر بشرية كبيرة بين صفوف المهاجمين، كما أجبرتهم على الانسحاب نحو مقراتهم قرب قرية “صوفان” في ريف منطقة الباب.
وشهدت المعارك الدائرة تجاذبات عدة، إذ تمكنت مجموعات “أحرار عولان” من محاصرة قرية ومعبر “الحمران”، والسيطرة عليهما بشكل مؤقت، قبل أن تعاود فصائل “الفيلق الثاني” بهجمات عكسية وتنجح في استعادة السيطرة على الموقعين، ليستمر واقع السيطرة ما بين الأخذ والرد، قبل أن ينجح مسلحو “الفيلق” في الحفاظ على سيطرتهم خلال ساعات مساء أمس الأحد.
وما زالت الأوضاع في ريف حلب الشمالي الشرقي تجري على صفيح ساخن، في ظل إصرار “أحرار عولان” على الوصول إلى المعبر والسيطرة عليه مجدداً تحت راية “هيئة تحرير الشام” ومتزعمها “أبو محمد الجولاني”، وبالتالي الاستحواذ على عائدات المعبر بالكامل، في ظل الأموال الطائلة التي يدرّها على المتحكمين به، كونه يعد المعبر الرئيس المستخدم في عملية التبادل التجاري والتهريب لمختلف المواد والمشتقات النفطية بين فصائل أنقرة، و”قوات سوريا الديمقراطية” في ريف حلب.
ولا يعد صراع المعابر الدائر حالياً، الأول من نوعه الذي يشهده ريف حلب الشمالي، إذ سبق أن اندلعت صراعات مماثلة تتعلق بالسيطرة على المعابر الرئيسة كـ “دير بلوط” و”باب السلامة” و”قطمة” وغيرها من المعابر المنتشرة في ريف حلب، سواء التي تفصل بين مناطق سيطرة فصائل أنقرة عن مناطق “قسد”، أم عن مناطق سيطرة “الهيئة” في إدلب وريف حلب الغربي.
حلب