خاص || أثر برس “وصلت إلى مشفى المخرم بحالة إسعافية من شدة الألم في البطن، وبعد إجراء الفحوصات الطبية تبين أني أعاني من التهاب بالزائدة الدودية وأني بحاجة لدخول مشفى وإجراء عملية جراحية!.. فسألت: أين نحن إذاً؟ فكان الجواب لا نستطيع أن نفعل لك شيئاً”.
حال آصف وهو من سكان قرية أم السرج في ريف حمص الشرقي، تشبه إلى حد بعيد الكثير من الحالات التي وصلت إلى مشفى مدينة المخرم ولم تحصل على العلاج المناسب.
يقول سليمان لـ”أثر برس” وهو من سكان مدينة المخرم: ” وصلت ليلاً إلى المشفى وكان هناك جرح كبير في يدي وأحتاج لتلقي علاج فوري وإجراء خياطة للجرح، إلا أنه وبعد انتظار طويل أتفاجأ بأنه لايوجد طبيب مناوب”.
تضيف فيروز وهي أيضاً من سكان المدينة: “لايوجد في مشفى المخرم طبيب أطفال مناوب يساعد في علاج الحالات الإسعافية للأطفال الذين يسعفون إلى المشفى ليلاً، كذلك الحال بالنسبة لحالات الولادة المفاجئة لدى النساء فإنه من الصعب إجراء عملية توليد في ساعات المساء لعدم وجود الأطباء”.
تكمل فيروز “خلال ساعات النهار تعمل معظم العيادات التخصصية في المشفى بشكل جيد إلا في بعض الحالات التي لايوجد فيها طبيب مختص، وإذا كان الشخص بحاجة إلى صورة (طبقي محوري) فإنه لا يستطيع إجراءها لعدم وجود الجهاز في المشفى.. إذاً لماذا سمي مشفى المخرم وهو لا يستطيع أن يقدم حتى خدمة مستوصف طبي بالشكل الأمثل؟”.
بالمقابل، أكد مصدر في مشفى المخرم رفض الكشف عن اسمه لدى حديثه مع مراسل “أثر برس”، أن حالة المشفى من الناحيتين المادية والبشرية بحاجة إلى وقفة جدية من قبل وزارة الصحة مضيفاً: “هذا الصرح الحضاري من حيث البنيان العمراني يفتقد إلى عديد المقومات التي تجعل منه مشفى بالمعنى الطبي، وهذا المشفى يخدم عدداً كبيراً من القرى والبلدات التابعة لناحية المخرم والتي تضم نحو 300 ألف مواطن ومن حقهم أن يكون لديهم مشفى حكومي يوفر لهم الخدمات الطبية ويجري العمليات الجراحية دون الحاجة إلى السفر نحو مدينة حمص”.
وأضاف المصدر أن المشفى يحتاج بدرجة كبيرة إلى الأطباء المقيمين نظراً لقلة أعداد الأطباء الأخصائيين على مستوى المحافظة، فالطبيب المقيم يستطيع إجراء التشخيص وتقديم العلاج في حالة عدم وجود الطبيب الأخصائي وعلى مدار الساعة، أما الطبيب المختص فيحضر في أوقات محددة ويعمل لساعات معينة وأحياناً عند الضرورة فقط، كطبيب التخدير الذي يعمل لوحده في المشفى وخلال أيام محددة في الأسبوع.
كذلك فإن أهم مقوم من مقومات المشافي هو وجود جهاز تصوير “طبقي محوري” يساعد على تحديد الكثير من الحالات التي تتطلب أحياناً دخول المشفى وإجراء العمليات الجراحية، مبيناً أن بعض الأقسام بحاجة إلى تجهيزات فنية إضافية كضرورة وجود مكيفات تبريد في قسمي المخبر والأشعة تحافظ على درجة حرارة معينة لاستمرار عمل الأجهزة بالشكل الأمثل، وضرورة وجود الأدوية في صيدلية المشفى التي تكاد تكون فارغة تماماً.
وأشار المصدر إلى أنه على الرغم من كل تلك الصعوبات التي تعتري العمل في مشفى المخرم، إلا أنه استطاع تقديم الآلاف من الخدمات الطبية وتنفيذ عدد كبير من العمليات الجراحية التي يمكن تنفيذها في المشفى ولاسيما العمليات الباردة منها “بالمصطلح الطبي”.
وتتحدث مديرية الصحة في حمص عن عدم وجود الإمكانيات المادية التي يمكن من خلالها توفير مستلزمات المشفى من الأجهزة الطبية التي تنقصه، كذلك فإن مديرية الصحة تضع اللوم على أطباء المنطقة الشرقية للمحافظة الذين يمكنهم العمل لصالح المشفى عوضاً عن عملهم في مدينة حمص بينما لاتتوفر أعداد كبيرة من الأطباء المقيمين في حمص لكي يتم إرسالهم إلى مدينة المخرم، وفق ما أفاد به مصدر في المديرية لـمراسل “أثر برس” في حمص.
وبين الشد والجذب بين إدارة مشفى المخرم ومديرية صحة حمص، يبقى المواطن هو المتضرر الوحيد من غياب الخدمات الطبية اللازمة عن منطقة المخرم التي تفخر بوجود المشفى كصرح حضاري معماري فقط دون فائدة مرجوة.
حيدر رزوق – حمص