نقلت صحيفة “الوطن” السورية عن مصادر عربية وتركية من أنقرة تأكيدها على أن الحديث التركي المتعلق بالتقارب مع دمشق، هي تصريحات إعلامية ولم ترقَ إلى المستوى العملي بعد.
المصادر التركية والعربية، أكدت أن لدى أردوغان مصلحة في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية لكن بما ينسجم مع مصالحه الشخصية المتعلقة بالفوز في انتخابات حزيران 2023، ومن دون الإفصاح للرأي العام بشكل مباشر عن عزمه القيام باستدارة كاملة لتحقيق أجندته الداخلية والخارجية.
ونقلت “الوطن” عن مصادرها أن إعادة أردوغان في المدى المنظور العلاقات مع دمشق، يهدف منها قطع الطريق على أحزاب المعارضة التركية التي تؤكد أنها ستركب موجة تطبيع العلاقات مع دمشق فور فوزها بالانتخابات.
وبما يتعلق بتجدد التهديدات التركية حول نية أنقرة بشن عملية عسكرية شمالي سوريا، أكدت المصادر أن هذه التهديدات هي بمثابة “أداة للتفاوض” يستهدف منها ابتزاز الوسيط الروسي في المفاوضات الأمنية الدائرة راهناً بين الاستخبارات السورية والروسية في موسكو، حسب بعض التسريبات، بهدف رفع سقف مطالب أنقرة.
وتوقعت المصادر أن تعمل الحكومة التركية، على الموازنة بين مصالح الكرملين والإدارة الأمريكية، لإحداث تقارب مع القيادة السورية قبيل حلول الاستحقاقات الانتخابية، بعد أن أعلنت واشنطن رفضها إعادة التطبيع مع دمشق، على أن يواصل أردوغان شخصياً سياسة الانفتاح على العاصمتين الروسية والسورية، وبالتدريج، بغية ردم عمق الفجوة مع الأخيرة للتوصل إلى “حلول وسط”، من شأنها وضع الحل السياسي للأزمة السورية على سكته الصحيحة، وفق رؤيتها للحل، بعد تعليق أو إلغاء الحل العسكري، وفقاً لما نقلته “الوطن”.
وحول آخر تطورات المحادثات السورية-التركية، أكد الصحفي السوري المختص بالشأن التركي سومر سلطان، عبر صفحته على “فيسبوك” أنه “حتى الآن ليس هناك أي تنازل تركي حقيقي، إلا لعب بالوقت والإيهام بتحقيق تقدم في حل الأزمة السورية، ريثما تمر مرحلة الانتخابات التركية الفاصلة في غضون حوالي عشرة أشهر من الآن”.
يشار إلى أن الحديث عن نية أنقرة لإعادة علاقاتها مع دمشق، يتزامن مع تطورات لافتة تطرأ على السياسة الخارجية التركية، حيث استعادت أنقرة مؤخراً علاقاتها مع الإمارات والسعودية والكيان الإسرائيلي، وسط وجود توافق بين محللين وديبلوماسيين أتراك على أن متطلبات المرحلة الحالية بالنسبة لأنقرة تحتم عليها حل مشكلاتها مع دول الجوار والعودة إلى سياسة صفر مشاكل، وفي هذا الصدد أعرب زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجتي، المقرّب من أردوغان، عن أمله “في التطبيع مع جميع الجيران بحلول عام 2023، عام الانتخابات الحاسمة في تركيا” وفقاً لما نقله موقع “المونيتور” الأمريكي، وكذلك المحلل السياسي التركي باكير أتاجان، قال في لقاء متلفز على قناة “الحرة” الأمريكية: “إن هناك تغييرات كثيرة على المستوى الإقليمي والدولي دفعت تركيا لاتخاذ هذه الخطوة”، مشيراً إلى أنه “من بين هذه المتغيرات الحرب الأوكرانية وظهور نظام عالمي جديد”، موضحاً أن “تركيا لا تستطيع أن تعيش بعيداً عن هذه المتغيرات وخاصة مع الدول المجاورة، فأنقرة وجدت أن علاقاتها مع دول الجوار لم تكن بالمستوى المطلوب وأنها منغلقة على نفسها، وبالتالي رأت ضرورة الانفتاح مع هذه الدول، سواء اليونان وروسيا وأوكرانيا والإمارات والسعودية والعراق وإسرائيل وسوريا بالتأكيد”.