استدعت السعودية في اجتماع جدة التشاوري السبت الفائت، دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق، لبحث استعادة دمشق لمقعدها في الجامعة العربية، واستبعدت المغرب، وهذا أدى وفقاً لمصادر إعلامية إلى نشوب توتر بين الرياض والرباط.
وجاء استبعاد المغرب من اجتماع جدة التشاوري في وقتٍ اعتادت فيه دول الخليج استدعاء المغرب للمشاركة إلى جانب الأردن ودول الخليج في القرارات العربية المهمة، إذ أرسى الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز هذا التقليد بعد اندلاع أحداث 2011، وتم الاتفاق على احتضان المغرب سياسياً واقتصادياً رفقةَ الأردن لخلق تماسك بين الأنظمة الملكية، وفقاً لما نقلته صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية.
خلافات سعودية – مغربية
رجّحت الصحيفة أن “استبعاد المغرب من طرف السعودية يعود إلى تحفظ المغرب على ميله الكبير لسياسة واشنطن في الظروف الحالية، فيما تريد دول الخليج تبني سياسة تناهض بصمت القرارات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، ولا ترغب الرياض في تشويش الرباط على هذا التوجّه الحالي.
ومن جهة أخرى، فإن المغرب لا يتقاسم مع دول الخليج تقاربها الحالي مع إيران، إذ قطع المغرب علاقاته مع إيران عام 2018 بعد اتهامه لها بدعم جبهة “البوليساريو”، على حين أعادت السعودية علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع إيران بعد إعلان بكين في 10 آذار الفائت، وهو ما شكّل تطورات إقليمية لافتة ترسم مرحلة جديدة للعلاقات في الشرق الأوسط.
وفي شأن استعادة دمشق لمقعدها في الجامعة العربية، فإن السعودية تسعى إلى حضور سوريا في القمة العربية المقبلة بالرياض في أيار المقبل، وهذا يواجه من رفض مغربي وقطري قاطع، توازياً مع الرؤية الأمريكية والغربية في استمرار إطباق الحصار على سوريا، في وقتٍ ترغب فيه السعودية أن تكون القمة المقبلة على أراضيها ناجحة وبأبعاد مختلفة بالتزامن توجّهات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ويأتي ذلك بعد أن نقلت وكالة “رويترز” في 2 نيسان عن مصادرها، أن السعودية تعتزم دعوة الرئيس بشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية في أيار المقبل، مشيرةً إلى أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، سيتوجه إلى دمشق في الأسابيع المقبلة، لتقديم دعوة رسمية للرئيس الأسد لحضور القمة.
ووصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الأربعاء الفائت إلى جدة في زيارة عملٍ مفاجئة للمرة الأولى منذ 12 عاماً، بناءً على دعوة من نظيره السعودي فيصل بن فرحان، وتناولت المباحثات بينهما الجهود المبذولة للوصول إلى حلٍ سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة في سوريا.
“البوليساريو”: وجه الخلاف المغربي – السوري
تحدثت صحف مغربية في وقت سابق عن اشتراط المغرب لموافقته على استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، بتقليل دعمها لجبهة البوليساريو، وهي الحركة التي تنازع المغرب السيادة على “الصحراء الغربية”، المستعمرة الإسبانية السابقة، وهذا ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن مسؤولين عرب، أن “المغرب يريد من سوريا إنهاء دعمها لجبهة “البوليساريو” الانفصالية التي تريد استقلال الصحراء الغربية، قبل القبول بعودتها إلى الجامعة العربية”.
وتعليقاً على طبيعة الخلافات السورية– المغربية، بيّن مصدر دبلوماسي سابق (فضل عدم الكشف عن اسمه) قبل أيام قليلة في حديث خاص لـ”أثر”، أنّ “ذلك ناتج عن السياسيات الأمريكية والأوروبية في المنطقة والهادفة إلى تكريس خلافات عربية- عربية، مشيراً إلى أنّ النظام السياسي في المغرب يريد من سوريا، موقفاً من الصعب أن يتم إعطاؤه لهم، كاشفاً عن محاولات مغربية جرت لفتح قنوات تواصل بوساطة سلطنة عُمان في مسألة تأكيد سوريا لوحدة التراب المغربية.
وأوضح المصدر، أنه “في الآونة الأخيرة لم تتدخل سوريا في مسألة “البوليساريو” إطلاقاً حتى في الاجتماعات الدولية، وكان الموضوع متروكاً لـ(لجنة تصفية الاستعمار في المنظمة الدولية)، مبيناً أنّ الأمم المتحدة لها مبعوث خاص بموضوع الصحراء الغربية يتجول بين القوى الفاعلية في الصحراء الغربية (الجزائر والمغرب وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية).
ونظراً إلى أن مسألة الصحراء الغربية حساسة جداً للجزائر أيضاً، أكد المصدر أن سوريا ليس لها أيّ مصلحة إطلاقاً بأي علاقات توتر في المنطقة خاصة مع الجزائر، وقال: “لا أظن أن يكون هناك أي وعد سوري للمغرب إزاء مسألة الصحراء الغربية”.
يشار إلى أنه بعد بدء الحرب في سوريا في آذار2011، بقيت العلاقات الدبلوماسية بين دمشق والرباط مستمرة حتى انقطعت رسمياً في منتصف تموز عام 2012 عندما أعلمت وزارة الخارجية المغربية السفير السوري في المغرب آنذاك السفير نبيه إسماعيل، أنّه “غير مرغوب فيه” في الرباط، وبالمقابل غادرت البعثة الدبلوماسية المغربية من العاصمة دمشق بعد تبليغها ذلك رسمياً.
أثر برس