خاص|| أثر برس تم تداول هذه الصورة قبل أيام قليلة، ويظهر فيها وراء السياسي دولت باهتشلي، زعيم “حزب الحركة القومية” الفاشي، شخص اسمه ألب أرسلان تشليك، وهو إرهابي برز خلال الحرب السورية، وكان من مشاهيرها في فترة ما.
تواجد تشليك في ريف اللاذقية الشمالي بعد عام 2014، وقاتل ضد الجيش السوري، وقاد مجموعة كانت تحارب من أجل تأسيس دولة انفصالية “تركمانية” حسب زعمه، في ريف اللاذقية، وجرى تعيينه لاحقاً قائداً عاماً لما يسمى “الفرقة الساحلية الثانية”، والتي تضم أغلب التنظيمات المسلحة التابعة لتركيا في ريف اللاذقية، لكن الرأي العام عرفه عن قرب حين نشر مقطعاً تبنى فيه مقتل الطيار الروسي الشهير، الذي أسقطت الدفاعات التركية طائرته، نهاية عام 2015، في ريف اللاذقية، وقام تشليك ورفاقه باستهدافه أثناء نزوله بالمظلة، وتمكنوا من قتله بالرشاشات الثقيلة، ومثلوا بعدها بجثته، وقد نجحت يومها مجموعة سورية خاصة في إنقاذ رفيقه حياً بعد أن سقط في مناطق يسيطر عليها المسلحون، وأما جثمان الطيار القتيل فقد استلمه الجيش التركي من المسلحين، وسلّمه للروس رسمياً.
بعد الأزمة السياسية والعسكرية القاسية التي وقعت يومها بين موسكو وأنقرة، اضطر الأتراك إلى سحب تشليك، وإيداعه في السجن شكلياً كي يخففوا من غضب الروس، الذين تحدثوا علناً عن إعطاء الأوامر لكامل أجهزة أمنهم بتعقبه ومحاولة أسره أو قتله أياً كان مكانه. ولكن، في وقت لاحق، وبعد أن خفتت الأزمة وبدأت علامات الحل، دخل تشليك السجن مجدداً، وهذه المرة بسبب ادعاءات من رفاقه بممارسة النصب والاحتيال وسرقة مبالغ التبرعات، التي سددوها له معتقدين أنه سينفقها في سبيل “القتال ضد الأسد”، كما ظهر أن بحقه حكماً مبرماً بجرم تزوير النقود، وأفادت صحيفة “جمهوريت” بأنه خرج منذ نحو عامين، بعد أن قضى في السجن محكومية رمزية فقط، وكان أول ما فعله بعد خروجه هو تهديد الأميرال توركير أرتورك، الضابط المتقاعد التقدمي، الذي ناهض الحرب على سوريا وزار دمشق بهدف التضامن معها، بالقتل علناً، وعندما رفع الضابط دعوى قضائية عليه رد النائب العام بعدم معرفة عنوانه، وأحال القضية إلى قسم “الجرائم المسجلة ضد مجهول”.
ولكن ما حدث هو أن تشليك خرج إلى العلن، ممارساً دور عنصر الحماية لأعلى سلطة في التيار القومي الفاشي، أي دولت باهتشلي، الذي يتمتع بلقب “باشبوغ” وهو لقب كان يطلق في القبائل التركمانية القديمة على الشخص ذي السلطة المطلقة، والذي لا ترد أوامره مهما كانت، ويدين له الرجال بالطاعة العمياء، إن “باشبوغ” التيار القومي الفاشي هو حليف الرئيس رجب طيب أردوغان حالياً، ويبدو أن إخراج تشليك بهذا الشكل هو رسالة منه إلى الروس، ولا سيما بعد تورط التيار المذكور بتأسيس تنظيم اسمه “الفرقة الطورانية” للقتال إلى جانب الجيش الأوكراني.
فهل وافق أردوغان على تصرف حليفه في إخراج هذا الاسم الذي يتحسس منه الروس، أم أنه شعر بالإحراج منه؟ الاحتمال الأبرز هو أن الزعيم الإخواني يمارس لعبته الأثيرة في اتخاذ موقف ونقيضه بنفس الوقت، فيسمح للفاشيين باستفزاز الروس من جهة، ويجري معهم محادثات يصفها الطرفان بالبناءة من جهة أخرى وبنفس الوقت. يبدو أن البشرية بحاجة إلى وقت ليس بقصير لفهم كل ما حاكه هذا الرجل من ألاعيب في ميدان السياسة.
سومر سلطان