لم يخطر على بال أي من أصحاب الورش في مدينة حلب السورية والتي عمل فيها أحمد أوسو في صباه، بأن هذا الفتى النحيل الآتي من قرية صغيرة في شمال حلب، والذي كان يحب الخياطة ويقضي ساعات طويلة بتعلمها، سينتقل في غضون سنوات قليلة إلى دولة غربية بعيدة، وسيبدأ بعد رحلة كفاح صعبة بإنشاء شركة الأزياء الخاصة به، ويصمم اليوم لمشاهير في هولندا وللعائلة المالكة الهولندية.
حيث غادر المصمم أحمد أوسو (41 عاماً) سوريا متوجهاً إلى هولندا قبل عشرين عاماً، وتنقل عبر 3 أكاديميات هولندية لتصميم الأزياء، ودفـع بنفسه أجور الدراسة فيها في ذلك الوقت، حسب ما ذكرت صحيفة “NRC” الهولندية.
ونقلت الصحيفة عن أوسو قوله: “جلست خلف ماكينة الخياطة ليلًا ونهاراً.. أنا أعرف شيئاً واحداً بأنه لم أكن لأكون ناجحاً من دون المهارات التي تعلمتها في سوريا عندما كنت طفلاً ومراهقاً”، مضيفاً: “لم أكن لأفعل ذلك أبداً لو كنت قد وظفت فريقاً كاملاً من الموظفين على الفور.. لقد وظفت مساعدة لكنني صنعت معظم تصميم الأزياء بنفسي، كل قطعة من الملابس تمر بين يديّ وأنا أصمم كل شيء بنفسي”.
وعمل أوسو بعيداً عن الإعلام، مع فريق صغير لتثبيت اسم “أوسو كوتور” (OSO COUTURE)، كإحدى الشركات المتفردة في تصميم الملابس النسائية، وهي الشركة التي جذبت أسماء مهمة من عالمي الفن والسياسة في هولندا خلال السنوات الأخيرة، حتى أن سياسيّتين في البرلمان الهولندي اختارتا لبس فساتين له في آخر احتفال بيوم الأمير في عام 2019، وقبل أن يوقف “كوفيد-19” الاحتفالات العامة في هولندا.
وكان أوسو يبتعد لسنوات عن الإعلام، حيث كان يخشى أن الاهتمام الإعلامي الزائد يمكن أن يشتت تفكيره ويعرقل مشروعه الخاص، بيد أن هذا الاعلام بدأ بالالتفات إليه، إذ تنال تصاميمه التي ترتديها شخصيات من عالمَي الفن والسياسة في هولندا الاهتمام الإعلامي الأكبر عندما تظهر في مناسبات عامة.
يشار إلى أن أوسو يتذكر بحب كبير أمه، المعلمة الأولى في حياته، قائلاً: “أمي كانت تخيط الملابس وتساعدها أخواتي، وكنت أراقب عملهن بإعجاب كبير، وكيف كانت النساء يجئن إلى البيت بقطع قماش ويخرجن راضيات بعد اكتمال ملابسهن”.