خاص || أثر برس تسببت المعارك والقصف العنيف من قبل قوات الاحتلال الأمريكي على البنى التحتية في ريف دير الزور الواقع إلى الشرق من نهر الفرات بحجة قتال تنظيم “داعش”، بفقدان الأهالي لمصادر مياه الشرب وعدم القدرة على الاستفادة من شبكات الرّي التي تؤمن عملية السقاية للحقول الزراعية في المنطقة، وهذا الحال المستمر منذ 17 شهراً في مدينة “هجين”، التي دخلتها “قوات سوريا الديمقراطية، خلال الشهر الأخير من العام 2018 ما دفع السكان نحو حلول بديلة على نفقتهم الخاصة، الأمر الذي زاد من صعوبة المعيشة في ظل انعدام وجود فرص العمل في المنطقة التي ما تزال تشهد نشاطاً للخلايا التابعة لتنظيم “داعش”، مع قيود أمنية مشددة من قبل “قسد”، على السكان.
أسعار مرتفعة
داخل بلدة هجين ثمة محطة تحلية للمياه تعرف باسم “محطة السوق”، إلا أنها لا تغطي احتياجات المدينة أو القرى التابعة لها، ما جعل من تجارة المياه الصالحة للشرب رائجة بشكل كبير في المنطقة، إذ يباع البرميل الواحد بـ 1500 ليرة سورية في قلب البلدة، ويصل سعره إلى ما يقارب 3000 ليرة سورية عند نقله إلى القرى البعيدة من قبل الصهاريج التي تعمل على نقله من “محطات تحلية”، والتي أنشئت بالقرب من مناهل المياه لصالح تجار مرتبطين بالفصائل المحلية التابعة لـ “قسد”، وعلى الرغم من عدم الثقة في آلية التحلية في هذه المحطات إلا أنها البديل الوحيد بالنسبة للسكان.
يقول “عبد الرحمن العبد”، وهو أحد السكان المحليين في ريف دير الزور لـ “أثر برس”، إن عدداً كبيراً من المنظمات والجمعيات ذات الاسم التنموي انتشر في المنطقة الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات بحجة العمل على إعادة تفعيل البنى التحتية وإعادة الخدمات إلى المنطقة، إلا أن بلدة “هجين”، التي تدمر الجزء الأكبر منها بفعل غارات التحالف الأمريكي وخاصة خزانات المياه التي كان تنظيم “داعش” يتخذ منها مكاناً لنشر القناصة، ما تزال تعيش الخراب نفسه، فالسكان هم من قاموا بإزالة أنقاض بيوتهم لإعادة بناءها، كما أنهم عملوا على فتح الطرقات الرئيسية أمام حركة المرور، وما ينتشر من منظمات لا يتجاوز دوره استجرار المساعدات والمنح المالية من المنظمات الدولية دون فعل أي شيء على أرض الواقع.
يشير “العبد”، إلى أن سكان “هجين”، والقرى التابعة لها يعتمدون على مياه نهر الفرات في الأعمال المنزلية لعدم قدرتهم على استجرار الكميات اللازمة لهم من الصهاريج بسبب ارتفاع سعر البرميل الواحد من المياه، والذي يرتبط بدوره بأسعار المحروقات وما إلى هنالك من عمليات أخرى ترتبط أساساً بسعر صرف الدولار الأمريكي في المنطقة والذي تتحكم به “قسد”، ولأن مياه النهر غير معقمة فمن الطبيعي أن تنتشر الأمراض الجلدية في المنطقة التي لا يختلف الواقع الصحي فيها من حيث السوء عن بقية القطاعات.
صيانة شعبية
حاجة المساحات الزراعية لمياه السقاية دفعت السكان المحليين لصيانة محطات الضخ التي كانت قد أنشأتها الدولة السورية قبل الحرب على ضفاف نهر الفرات، ويؤكد مصدر أهلي فضل عدم الكشف عن هويته خلال حديثه لـ “أثر برس”، أن الفصائل المحلية التابعة لـ “قسد“، قامت بسرقة محتويات هذه المحطات من محركات وأنابيب ومحطات تحويل الكهرباء مع دخولها إلى المناطق التي كان ينتشر فيها تنظيم “داعش”، قبل بداية العام 2019، وقد عمل السكان خلال الأشهر الستة الماضية على التشارك في عملية تركيب محركات ضخ جديدة وملحقاتها من أنابيب ومولدات كهربائية بما يضمن وصول المياه إلى الحقول الزراعية، وقد بدأت التجربة من بلدة “هجين”، ثم تمددت إلى المناطق الواقعة إلى الشرق منها، لتعود المياه لمجاريها إن صح التعبير.
ويشير المصدر إلى أن الأهالي يمتلكون مخاوف من احتمالية سرقة محتويات هذه المحطات من قبل الفصائل الموالية لـ “قسد”، أو مجهولين، لذا يعمل البعض من الشبان على التناوب في مهمة حراسة المحطات على مدار الساعة دون إمكانية حصولهم على أسلحة فردية حتى لا تكون هذه الأسلحة حجة لمداهمة المحطات من قبل “الآسايش”، أو أياً من الفصائل الأخرى، لافتا في الوقت نفسه إلى أن بعض المنظمات التي تنتشر في المنطقة كانت قد وعدت بصيانة محطات الضخ وأقنية نقل المياه المعروفة باسم “السواقي”، في المنطقة.
من الجدير ذكره أن الوزير السعودي “ثامر السبهان”، والذي كان قد دخل الأراضي السورية بصورة غير شرعية خلال صيف العام 2019 نقل لـ “قسد”، ومن يواليها من “وجهاء العشائر العربية”، دعماً مالياً ضخما بهدف إعادة تفعيل البنى التحتية في مناطق “شرق الفرات”، شريطة أن تبقى العشائر العربية موالية لـ “قسد”، إلا أن هذا الدعم اختفى مع انتشار معلومات غير مؤكدة عن توزيع منح مالية لـ “وجهاء العشائر” الموالين لقوات الاحتلال الأمريكي شريطة إعلان مواقف داعمة لـ “قسد”، ما يجعل من المنظمات و ما يمكن تسميته بـ “منحة السبهان”، مجرد كذبة إعلامية لدعم وجود “قوات سوريا الديمقراطية” في المنطقة.
محمود عبد اللطيف – المنطقة الشرقية