يبدو أن تقديرات رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول موضوع ضم الضفة الغربية والاعتماد على التطبيع العربي دون النظر إلى الوجود الفلسطيني، لم تكن صائبة، فإلى جانب الأمم المتحدة، تقف الدول الأوروبية الرائدة ضد الضم: بريطانيا وألمانيا وفرنسا، كما تعارض روسيا هذه الخطوة.
عدم الحصول على تأييد دولي دفع نتنياهو للتراجع عن خطوة الضم بعد مرور 1 تموز دون أن يحدث أي إعلان، فالرفض الغربي للضم يأتي حرصاً على الإسرائيليين وليس حباً بالفلسطينيين حيث رأى وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أن الضم سيعرض للخطر التقدم الذي أحرزه الكيان الإسرائيلي في تحسين العلاقات مع العالم العربي.
تصريحات جونسون تشير إلى أن عمليه الضم ستؤدي إلى انتفاضة شعبية فلسطينية ستقابلها قوات الاحتلال الإسرائيلي بنفس العنف ما من شأنه إعادة المشهد الفلسطيني إلى الواجهة في العالم العربي وإحراج الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان ما من شأنه التأثير على عملية التطبيع.
إلى ماذا تهدف عملية الضم؟
تهدف عملية الضم إلى سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على المناطق السكانية ذات الكثافة المحدودة، وترك الكُتل السكانية الضخمة مثل نابلس والخليل وطولكرم لمرحلة أخرى، ويعقب ذلك نقل الفلسطينيين إلى الوطن البديل وهذا هو السبب الرئيسي لقلق السّلطات الأردنية ومعارضتها لمخططات الضّم، فهي تدرك جيداً أنّ الخطوة التّالية في حال نجاح الأُولى، هي الوطن البديل.
ما أهمية منطقة الأغوار في الضفة؟
تعتبر الأغوار من أكثر المناطق الزراعية خصوبة وإنتاجية وتزوّد الأراضي الفلسطينية بالقسم الأكبر من حاجاتها من المحصولات الزراعية، وبالنظر إلى أن كيان الاحتلال فهو يعاني أساساً من نقصٍ في الإنتاج الزراعي ويعمد إلى تعويضه من خلال عمليات الاستيراد، فإن الأغوار تعتبر كنزاً ثميناً يمكن أن يغنيها عن استيراد ما تحتاجه من مُنتجات ومحاصيل زراعية من الخارج.
أما بما يخص المياه، فخلال اتفاقية “سايكس بيكو” فشل “الإسرائيليين” في الضغط على بريطانيا وفرنسا في ضم أنهر الحاصباني وبانياس والقاضي إلى الأراضي المحتلة رغبةً منهم في ضم مصادر المياه الرئيسية المغذية لنهر الأردن إلى فلسطين، التي تنوي إقامة “دولة إسرائيل” المزعومة عليها مستقبلاً، لذلك يهدف الكيان الإسرائيلي إلى السيطرة على كافة الموارد المائية الفلسطينية وتمتلك الأغوار السهم الأكبر من المخزون المائي الفلسطيني وضمّها لدولة الاحتلال يعني خسارة فلسطين لمخزونها المائي الاستراتيجي وتهديد حياة المواطنين الفلسطينيين ومحاصيلهم الزراعية بسبب الشحّ الكبير في الموارد المائية الذي سينتج من عملية الضمّ لاحقاً.
إلى جانب ذلك تشكّل منطقة الأغوار مساحة 60 بالمائة من الضفة الغربية واقتطاعها يعني القضاء على آمال السلطة الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية لعدم توافر المساحة والعمق الجغرافي الكافيين.
يبدو أن عملية الضم لم تنضج في المرحلة الحالية لكنها تبقى ضمن المخططات الإسرائيلية الاستراتيجية لما لها من أهمية للكيان الإسرائيلي، وكما ذكرنا سابقاً فإن تراجع نتنياهو جاء نتيجة غياب تأييد دولي لعملية الضم، لكن تبقى الكلمة الفصل للشعب الفلسطيني، ولو وقف العالم بأسره إلى جانب الضم، فإن رفض الشعب الفلسطيني وترجمة موقفه عملياً كفيل بتغيير المعادلات بما فيها الموقف الدولي.