خاص|| أثر برس لم يكن التهريب الذي طال الثروة الحيوانيّة بدير الزور فترة خروج أغلبية جغرافيتها عن سيطرة الدولة السورية هو أول المخاطر التي هددتها، بل تجاوز ذلك إلى أمور ذات خطورة أكبر تتعلق بأمراضها وعلاجاتها، ناهيك عن النقص الحاد بالخبرات البيطرية من الأطباء ذوي الاختصاص، وإذ مكّنت سيطرة الحكومة السوريّة على أكثر من نصف مناطق المحافظة من تحجيم عمليات التهريب، غير أنّ واقع مشكلتي الأمراض ونقص الأطباء البيطريين على حاله، ما فتح الباب لغير المُختصين للولوج عبره، لتُسجل حالات نفوق ناتجة عن ذلك، وإنْ وصفتها مصادر دائرة الصحة الحيوانيّة بمديرية الزراعة بأنها ليست بتلك الحالات الملحوظة.
نقيب الأطباء البيطريين في دير الزور محمد زيدان أشار في تصريح لـ”أثر” إلى أن أعداد الأطباء البيطريين في تناقص حاد، حيث يوجد 35 طبيباً، بعضهم تقاعد والبعض على أبواب التقاعد، فيما كانت أعدادهم قُبيل بدء الحرب في سوريا تُناهز 220 طبيباً مُسجلاً في عداد النقابة، منهم من هاجر خارج البلاد، ومنهم من يقطن بمناطق خارج السيطرة.
زيدان أكد أن هذا النقص يدفع بالاعتماد على المراقب البيطري لعلاج الماشيّة من أبقار وماعز وأغنام، وفي الغالب تحدث حالات نفوق نتيجة عدم قدرتهم على إعطاء العلاجات الصحيحة، ما يُخلف خسائر مادية بالنسبة للمربين، وهنا الخسائر تتبدى أكثر بالنسبة للأبقار التي لا يقل سعر الواحدة منها عن 15 مليون.
ولفت زيدان لأوضاع خريجي كلية الطب البيطري بجامعة الفرات والبالغ عددهم 15، فرغم الحاجة إليهم ضمن شعب مديرية الزراعة ووحداتها الإرشادية، غير أن من حظي بالتعيين بموجب مسابقة التوظيف العامة الأخيرة هنّ الإناث، فيما الذكور حالت دون اشتراكهم بالمسابقة خدمة العلم، موضحاً أنه جرى رفع كتب ومخاطبات بهذا الشأن لمساواة خريجي الكلية بزملائهم في الكليات الطبيّة البشرية، أي السماح لهم بالخدمة العسكرية ضمن مواقع عمل حكوميّة ذات صلة كالمشاريع الإنتاجية من مداجن ومباقر، وسواها، أو ما يتبع لوزارة الدفاع، الأمر الذي يُمكن من سد النقص بالكوادر الطبيّة البيطرية، لكن دون نتيجة.
من جانبه رئيس دائرة الصحة الحيوانيّة بمديرية زراعة دير الزور الدكتور طارق الحسين أكد لـ”أثر” أن نفوق الماشية كنتيجة للعلاجات غير الصحيحة ليست بتلك الظاهرة الملحوظة، مُبيناً أنّ ما توفره المعامل الخاصة بالأدوية البيطرية ليس بتلك الفاعليّة، علماً أن تلك الأدوية كانت توفر حكومياً، وأدت الحرب التي عاشتها المحافظة للتوقف عن تزويدها، والأمر في كافة محافظات سوريا، حيث كانت وزارة الزراعة تؤمن مختلف أنواع الأدوية لزوم أمراض الثروة الحيوانيّة من مضادات حيوية، ومضادات طفيليات داخلية وخارجية إضافةً لمضادات الطفيليات الدموية، وهذه هي الأدوية المطلوبة، ما توفره الوزارة حالياً هي فقط اللقاحات لأمراض الحمى المالطيّة والقلاعيّة، و”الباستريلا”، وجميعها مستوردة، أما الأمراض التي تُنتج أدويتها محلياً فهي لـ”جدري الأغنام والماعز، وانتروتوكسيميا”، مذكراً بصعوبة استيراد الأدوية البيطرية، ناهيك عن المُنتج منها محلياً، إذ منع من توفير مكونات تصنيع ذات فاعليّة قوية.
وكشف الحسين عن أن 58 وحدة إرشادية أُعيد تفعيلها تفتقد للكوادر الطبيّة البيطرية المُختصة، ليدفع ذلك إلى الاعتماد على الفنيين من مراقبين بيطريين، علماً أن الوحدة الإرشادية الواحدة تحتاج ما بين 3 – 4 أطباء بيطريين، أو على الأقل واحداً منهم.
يُشار إلى أن آخر إحصائية للثروة الحيوانيّة في دير الزور والتي أقرتها وزارة الزراعة في مناطق السيطرة، وصلت فيها أعداد الأغنام إلى أكثر من 820 ألف رأس، فيما الماعز 88.8 ألفاً، والأبقار لأكثر من 42 ألف رأس.
عثمان الخلف – دير الزور