أثر برس

نهاية الحسابات السياسية في إدلب

by Athr Press B

خاص|| أثر برس

كان يتوجّب على السياسة أن لاتنتهي لعبتها سريعاً بعد فشل التوافق الروسي-التركي في قمة طهران الثلاثية، التي انعقدت في 7 أيلول الفائت حول بحث الوضع في إدلب، ليس بسبب عدم رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ضرب تقاربه الإستراتيجي مع رجب طيب أردوغان فحسب، وإنما لإيقاف الهجمة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية مع فرنسا وبريطانيا للقيام بعدوان على سوريا بمزاعم الكيميائي ووجود المدنيين.

فكان اتفاق بوتين – أردوغان الثنائي في سوتشي في 17 أيلول المنصرم احتواء روسياً رحبت به الدولة السورية للحيلولة دون إعطاء الغرب بقيادة واشنطن المسوغات الجاهزة المفبركة عبر منظمة الخوذ البيضاء البريطانية المنشأ والتمويل، لإفشال استعادة القوات السوريّة لآخر معاقل الفصائل المسلّحة في إدلب، وخاصةً بعد دخول ألمانيا على خط التدخل العسكريّ في سوريا خوفاً من عبور اللاجئين الهاربين من المعارك التي قد تحصل من تركيّا باتجاه أراضيها.

الأهميّة الجيوسياسيّة جعلت من إدلب مركزاً للصراع الأخير، وورقة للضغط على الدولة السوريّة لقبول مشاركة الفرنسيين في مرحلة إعادة الإعمار، فالرئيس الفرنسي مانويل ماكرون منذ أواخر آب الفائت أوكل إلى فرانسوا سينيمو المعروف بأنّه من دعاة التطبيع مع دمشق مهمّة الممثل الشخصي له إلى سوريا، والأمريكيون أيضاً يدركون مدى إرادة الدولة السورية وحلفائها باستعادة إدلب، وتوحد الخطاب السياسي ضد الوجود الأمريكي في شرق الفرات.

مع انتهاء المهلة التي أعطتها روسيا لتركيا بشأن سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح بالأمس، والتي حددت بعمق 15 كم داخل مناطق الفصائل المسلحة في أرياف اللاذقية الشمالي الشرقي، وحماة الشمالي، وإدلب الجنوبي الشرقي، والتي يسيطر الأصوليون في “هيئة تحرير الشام- جبهة النصرة وحلفائها” على 70% من المنطقة العازلة، بدا الترويج التركي للالتزام بتنفيذ الاتّفاق أكبر إعلامياً ودعائياً من رفض قادة “جبهة النصرة” سحب جميع أسلحتها الثقيلة من المنطقة العازلة، وهذا مادفع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف للقول: “لايهم إن تأخر تنفيذ الاتفاق عدة أيام، فالمُجدي هو إتمام ذلك، وإن روسيا تراقب الوضع في إدلب عن كثب”.

هجمات الفصائل المسلحة على مواقع القوات السورية في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وريف حلب الغربي تدل صراحةً على استعداد “هيئة تحرير الشام- جبهة النصرة وحلفائها” الخوض في حرب واسعة ضد تقدم القوات السورية وحلفائها، قبل أن تسلّم المنطقة منزوعة السلاح، وهذا ما أكدّه أبو مالك التلي أحد متزعمي “النصرة”.

يبدو أن الحلول السياسيّة في إدلب تتجه إلى العرقلة والتأزيم، والمشهد السوري في الأيّام المقبلة سيكون عنواناً لبداية عمليّة عسكريّة وشيكة تقوم بها القوات السوريّة، مدعومة من السلاح الجوي الروسي لطرد فصائل المعارضة المسلّحة والأصوليّة بالقوة من المنطقة منزوعة السلاح، ما سيؤدي إلى إعادة تشغيل طرق نقل الترانزيت بين حلب واللاذقية، وحلب وحماه، وبالتالي استكمال تنفيذ بنود اتّفاق سوتشي، مقابل تحشّد غربي واستنفار أمريكي سيبدأ بسيناريوهات تأخذ صدى إدلب إلى شرق الفرات.

علي أصفهاني

اقرأ أيضاً