نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقالاً رأت فيه أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسبح عكس التيار السائد ولا يفوت فرصة للوقوف في وجه مساعي وقف العنصرية في الولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة أن ترامب وفي خضم الصحوة الشعبية التي يراها كثيرون متأخرة ودفعت عشرات آلاف الأمريكيين إلى التظاهر يومياً احتجاجاً على عنف الشرطة والعنصرية يبدو منفصلاً عن كثير من الناخبين في الوسط السياسي وحتى عن بعض حلفائه ففي الوقت الذي يحاول الأمريكيون الابتعاد عن العنصرية ومظاهرها يقترب أكثر فأكثر منها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأغلبية العظمى من الأمريكيين يرون أن تصرفات الشرطة تجاه الأمريكيين المنحدرين من أصول أفريقية ولاتينية متحيزة وعنصرية كما أن هناك تحولاً كبيراً في الرأي العام الأمريكي بما في ذلك مواقف الشركات الكبرى التي أخذت موقفاً مناهضاً للتمييز على أسس عرقية ووزارة الدفاع الأمريكية “بنتاغون” وعدد من النواب الجمهوريين الذين أعربوا عن استعدادهم لتغيير أسماء عدد من القواعد العسكرية التي تحمل إيحاءات عنصرية أو ترتبط بحقبة الكونفيدرالية والعبودية لكن الاستثناء الوحيد من هؤلاء جميعاً هو الرئيس الأمريكي نفسه.
ترامب أظهر بشكل واضح رفضه التحركات الشعبية لإزالة إرث العنصرية بعد معارضته بشكل قاطع الدعوات المطالبة بتغيير أسماء قواعد عسكرية وإزالة أسماء قادة من الحقبة الكونفيدرالية عنها رغم الاستعداد الذي أبداه البنتاغون لهذه الخطوة وقد دعت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أمس الأول إلى إزالة 11 تمثالاً لعسكريين ومسؤولين يرمزون لهذه الحقبة.
وفي الوقت الذي يحفل فيه سجل التصريحات أو التغريدات التي أطلقها ترامب بالتلميحات العنصرية إلا أنه برأي الصحيفة يبدو معزولاً بالنسبة للوضع السياسي والاجتماعي الراهن الذي تشهده الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى وهو مختبئ في البيت الأبيض وينشر تغريدات عن نظريات مؤامرة ويوجه الاتهامات والمزاعم حول المحتجين المصابين جراء عنف الشرطة ويصفهم بـ”البلطجية والإرهابيين”.
واعتاد ترامب بحسب “نيويورك تايمز” استخدام لغة عنيفة وقاسية لم يستخدمها أي مسؤول أو رئيس أمريكي من قبل وبدلاً من أن يتبنى وجهات نظر الأغلبية العظمى من الأمريكيين فإنه يدعم بشكل علني وجهات نظر ما يسمى “القوميين البيض” الذين يتبنون مواقف وآراء عنصرية.
وفي الوقت الذي يواجه فيه الأمريكيون ثلاث أزمات متزامنة تتمثل في انتشار فيروس كورونا والاقتصاد المنهار والجدل الشعبي حول العنصرية والظلم يكشف ترامب عن محدودية قدراته السياسية وعجزه عن إظهار أي تعاطف مع المتظاهرين وقضيتهم.
وفيما تمضي الاحتجاجات على مقتل فلويد وغيره من الأمريكيين المتحدرين من أصل أفريقي يتحرك ترامب في اتجاه معاكس تماماً ففي الوقت الذي تتزايد فيه المطالبات بإلغاء تمويل الشرطة وتجريدها من حق استخدام القوة المفرطة في الاعتقالات أكد ترامب ضرورة وجود شرطة قوية في الولايات المتحدة مشيراً إلى أن إدارته ستزيد الاستثمار في تدريبها كما قرر تنظيم مهرجان انتخابي بمدينة تولسا في ولاية أوكلاهوما التي اشتهرت بوقوع مذبحة عنصرية مروعة عام 1921 ليترك مجالاً ضئيلاً للغاية أمام التساؤلات حول حقيقة كونه عنصرياً.