تحافظ الولايات المتحدة الأمريكية على موقفها الرافض للتقرّب العربي من دمشق، من دون أن يؤثر هذا الرفض في اتخاذ خطوات إيجابية تجاه سوريا، ما دفع بعض الدبلوماسيين الأمريكيين إلى إرسال رسالة للرئيس الأمريكي جو بايدن، لاتخاذ خطوات جدية تمنع هذا التقارب العربي سيما الخليجي من سوريا.
المحللون في وسائل الإعلام العربية والأجنبية ناقشوا جدوى هذه المحاولات الأمريكية لعرقلة التطبيع العربي مع دمشق، وفي هذا السياق نشرت صحيفة “نيزافيتسيا غازيتا” الروسية: “إن نية جزء من المؤسسة الأمريكية فرض قيود على إعادة الاتصالات بين دمشق والعواصم الأجنبية لا تبدو ممكنة، بالنظر إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية نفسها قدمت استثناءات من نظام العقوبات ضد دمشق مرات عدة، والتوجه نحو استعادة العلاقات الدبلوماسية قد تجاوز بالفعل إطار منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ووصل إلى أولئك الذين كانوا متشددين في انتقاد فكرة التقارب”.
وكذلك لفتت صحيفة “الغارديان” البريطانية إلى أن التحركات الإقليمية لإعادة العلاقات مع الدولة السورية أثارت قلقاً في إدارة بايدن وفي أوروبا، ونقلت عن مدير سوريا وبرامج مكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر، قوله: “فيما يخص الدول الإقليمية التي تعيد إشراك الدولة السورية، فإن الحسابات مدفوعة بحقيقة صغيرة هي أن سياسات الولايات المتحدة وحلفائها تجاه سوريا عاجزة وغير مبالية، ومع ذلك، فإن الحكومة السورية يتم منحها انتصاراً بلا منازع”.
كما نقلت الصحيفة عن الباحث الإماراتي عبد الخالق عبد الله، قوله: “المنطق وراء ذلك كله يتعلق بالإدراك الجديد في أن الدولة السورية موجودة لتبقى”، مضيفاً أن “الواقع على الأرض يقول إننا بحاجة إلى إشراك الدولة السورية، وتتطلب السياسة الحقيقية أن تتحدث وتعاود الانخراط معها من دون تفكيكها”.
على حين لفت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق الدكتور عقيل محفوض، في مقال نشره موقع “الميادين نت” إلى أن إنجاز هذا التقارب يحتاج إلى خطوات عدة، حيث قال: “ارتفع سقف التوقّعات عن عودة قريبة للعلاقات بين دمشق والرياض، ومهّدت الأخيرة لذلك بتصريحات غير مسبوقة لوزير الخارجية السعودي، تتحدّث عن تغيّر في المقاربات والقناعات عن سوريا”، لافتاً إلى أن “لغة التصريحات وإيقاعها وتواترها، هي مؤشرات على أن أموراً كثيرة حدثت في الواقع، أمنياً واستخباراتياً، وإلى حد ما سياسياً، وأن الموقف بين الطرفين ما يزال يسكت عن أشياء أكثر مما يفصح”، مضيفاً في الوقت ذاته أنه “ليس من السهل تجاوز حالة الاحتدام والعداء التي كانت في سنوات، وثمة ما يتطلّب تهيئة وإعداداً مناسبين، ولحظة مواتية، واندفاعاً لدى الأطراف، وبيئة إقليمية دولية مساعدة، والأهم هو قناعات فواعل السياسة والحكم، وقد يكون الشرط الأخير متحقّقاً بقدر يبعث على الأمل بالتغيير، إنما ليس من دون مخاوف من نكوص محتمل، ذلك أن الوضع معقّد، والمخاطر والإكراهات كثيرة”.
تؤكد التحليلات العربية والأجنبية أن التغيرات التي طرأت على التحالفات الدولية كان لها تأثيراتها على السياسات العربية إزاء سوريا، وعلى حجم هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على حلفائها في الشرق الأوسط، مشيرة في الوقت ذاته إلى ضرورة الالتزام بالموضوعية عند الحديث على هذا التقارب وحدوده، لافتين إلى أنه ثمّة عوائق أمريكية من شأنها أن تحد منه وأبرزها قانون “قيصر” الذي يفرض قيوداً اقتصادية على الدولة السورية ومن يتعامل معها.