48
حتى آخر لحظة كانت الأطراف الرافضة لقرار الانسحاب الأمريكي من سورية، تأمل بأن يتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره، لكن مسؤولين عسكريين أمريكيين أعلنوا مؤخراً عن بدء عملية الانسحاب، غير مهمتمين بجملة من القضايا كانوا قد أثاروها عند دخولهم البلاد، أبرزها موضوع الأكراد ومشروع “المنطقة الآمنة” وأمل بعض المسؤولين الأمريكيين بالحفاظ على وجودهم الغير شرعي في سورية.
صحيفة “أكشام“ التركية باتت تعتبر أن مشروع “المنطقة الآمنة” هو ضد أنقرة بدل أن يخدم أهدافها، فنشرت:
“خلاصة الخطة الأمريكية هي تأسيس منطقة آمنة تُستخدم ضد تركيا، الغاية الرئيسية لهذه الخطة هي حماية الأكراد من الهجمات التركية، وتقييد تحركات أنقرة جواً وبراً.. تركيا تمنح الأولوية لمخاوفها الأمنية”.
وتحدثت “العرب“ اللندنية عن القلق الذي تولد عند الأوروبيين جراء هذا الانسحاب المفاجئ، إذ نشرت مقالاً جاء فيه:
“قرار الانسحاب من سورية ترك مساحة تدعو إلى القلق من الموقف الأميركي عند أوروبا، وظهر جلياً في كلمة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عندما وصفت الانسحاب بما يشبه اللغز الذي يضع التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب على مسافة من تحديد الواجبات العسكرية أو التخطيط لها”.
أما “الوطن“ السورية فأكدت أن واشنطن لم تعد قادرة على تحمل النتائج التي حصدتها من وجودها في سورية، حيث جاء فيها:
“يبدو أن ضغوط مراكز القوى التي اصطلحت الصحافة الأوروبية على تسميتها مراكز الدولة العميقة في واشنطن قد فشلت في إثناء الرئيس ترامب عن الوفاء بتعهده بسحب الجيش الأميركي من البلد الذي وصفه بأنه رمال وموت، بالتأكيد لا يمكن تفسير قرار الانسحاب الأميركي من منطقتنا، بارتفاع حرارة الطقس كنتيجة للاحتباس الحراري مثلاً، فالمشاريع العسكرية الأميركية واجهت مقاومة شعبية شرسة”.
واضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تحصد في المرحلة الحالية نتائج سياستها وتدخلها في المنطقة ومحاولاتها المستمرة لخلط الأوراق وعرقلة أي حل أو تسوية في الحرب على سوريا، ففي الوقت الذي كانت تدعم فيه الأكراد –أعداء تركيا- وتسلحهم، كانت تعقد اجتماعات واتفاقات مع مسؤولين أتراك، والآن فقدت ثقة الأكراد والأتراك، وتخلت عن أحلامها بالحفاظ على وجود عسكري لها في الأراضي السورية، حيث قال المتحدث السابق باسم “التحالف الأمريكي” بريت ماكغورك: “أمريكا لا يمكن أن تتخلى عن مكتسابتها في سورية”، لكن في النهاية تخلت عن كل ما احتلته وأعلنت الانسحاب.