أثر برس

واشنطن.. نحو تعقيد مشهد الشمال السوري أكثر

by Athr Press G

خاص || أثر برس باتت المنطقة الممتدة بين مدينتي رأس العين و تل أبيض، تحت سيطرة الاحتلال التركي بانسحاب “قوات سوريا الديمقراطية” من رأس العين، وفقاً لتعليمات أمريكية صارمة بزعم أن الاتفاق يوقف العملية العدوانية التركية في الشمال السوري.

لكن “قسد” تمتلك مخاوف حقيقية من تمدد هذه العملية لذا تقوم بتحصين نقاط حول بلدة أبو راسين ومدينة الدرباسية، وكلاهما تقعان للشرق من رأس العين، والإعلام الأمريكي يتحدث عن نية واشنطن إقامة قاعدة مشتركة لقوات من السعودية والإمارات لمراقبة ما يسمى بـ “المنطقة الآمنة”، وهذا ما قد يعقد الشمال السوري لمرحلة تحويله لساحة معركة بين أنقرة وخصومها من العرب الذين لا يملكون قوة رفض أي طلب أمريكي وإن تعارض مع مصالحهم.

إن ذهاب الأتراك في معاركهم نحو شرق رأس العين، لتهديد وحصر مدينة القامشلي أمر محتمل، والمحتمل أكثر هو التمدد في المنطقة الواقعة غرب تل أبيض وصولاً لتخوم مدينة عين العرب، ومحاولة عزلها عن بقية المناطق السورية، إلا أن انتشار الجيش السوري في مدينة عين عيسى و مقر اللواء ٩٣، والطريق الرابط بين منبج وعين العرب، أمّن الأخيرة من أي محاولة للحصار، وأخطر ما قد يذهب إليه الاحتلال التركي في المرحلة القادمة هو الذهاب جنوباً للسيطرة على كامل الطريقm4، لكن الأمر محصن بوجود سوري مباشر وخطوط حمراء من الجانب الروسي، ولا يبدو أن موسكو قد تبدي ليناً في مثل هذه النقطة.

الواضح أن المعركة في الشمال أخذت طابع الكِباش الدولي، والجيش الذي عزز وجوده شرق الفرات بمقدرات عسكرية ضخمة، لن يسمح بأن تتمدد القوات التركية أكثر، ومع انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من أي نقطة جديدة، تدخل وحدات من الجيش السوري لتنتشر، ومن المرتقب انتشارها في مدينة الرقة والمناطق الواقعة شمالها لتأمين الطريق الدولية الرابط بين الحسكة – حلب، ضمن مشروع لربط حلب العاصمة الاقتصادية لسورية بالسوق العراقية مرة أخرى، فالطريق  m4، يصل بين الموصل وحلب من معبر اليعربية، وانتشار الشرطة العسكرية الروسية في الشمال لمراقبة خطوط التماس بين الجيش السوري وقوات الاحتلال التركي، يخدم هذه الفكرة.

لا يعجب الأتراك تقدم الجيش السوري وانتشاره في الشمال، وتدرك أنقرة بأنه نصر على طبق من ذهب لدمشق، لكن تركيا تضع في أولوياتها الحفاظ على مكتسب بعض المناطق لتحولها لمنطقة آمنة للتكتلات الإخوانية لتكون لاحقا كتلة من الأصوات الانتخابية التي تتحكم بها الحكومة التركية ضمن أي عملية تصويت آتية في سورية، ولعل التصويت على ما ستعده اللجنة الدستورية هو الأقرب.

عقدّ الأمريكيون ملف الشمال أكثر بعد انسحابهم من مناطق لا تعنيهم على المستوى الاستراتيجي، فالثقل النفطي السوري خارج مناطق الحدود، وتكلفة البقاء كانت ستعني وضع العلاقة مع الحليف التركي في ملفات الماضي، إضافة لعدم تناسب هذا الوجود مع عقلية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يرفض تقديم خدمات مجانية لأحد أياً كانت الأسباب، ويبدو أن الجميع مضطر للتعامل مع هذه العقلية لمعرفة ماذا يمكن أن يحدث غداً.

محمود عبد اللطيف

اقرأ أيضاً