أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، أنّ الاتصالات بين سوريا وتركيا متواصلة، مشيراً إلى أنّ صيغة “أستانا” ما تزال الأكثر فاعلية فيما يتعلّق بتسوية بعيدة الأمد في سوريا.
وقال الدبلوماسي الروسي في تصريحات اليوم، إنّ “لقاءات عدّة جرت بين سوريا وتركيا في المستويات المختلفة، بما في ذلك وزارتا الخارجية والدفاع، بدعم من صيغة “أستانا”، مضيفاً: إنّ “هذه الاتصالات ستستمر، والأهم أنها أثبتت فعاليتها”، وفق ما نقلته وكالة “تاس” الروسية.
وأشار فيرشينين إلى أنّ “اجتماعات مسار “أستانا” ستُجرى على الرغم من عدم تحديد مكانها وموعدها بالضبط”، مشدداً على أنّ “هذه الاجتماعات كانت وما تزال بلا شك الأكثر فاعلية فيما يتعلق بتسوية بعيدة الأمد في سوريا”.
وفي هذا الإطار، صرّح نائب وزير الخارجية الروسي، بأنّه “أُنجز كثير وفق صيغة أستانا فعليّاً وما تزال قائمة المهام تتوسع لفعل المزيد”، مشيراً إلى أن “كازاخستان بذلت جهوداً كبيرة للتنسيق، وما يزال بإمكانها فعل كثير لمواصلة عملها”.
جمود في مسار التقارب
تأتي التصريحات الروسيّة في وقتٍ يسيطر فيه جمود واضح حالياً في مسار التقارب السوري- التركي، بعد اجتماع نوّاب وزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا الرباعي الأخير في “أستانا” بالعاصمة الكازاخية يومي 20 و21 من حزيران الفائت لبحث مسوّدة “خريطة طريق” تطبيع العلاقات بين البلدين.
وفي الأيام القليلة الفائتة، وجّهت تركيا عدداً من الرسائل تتعلق برفضها مطالبة دمشق بانسحاب قواتها من شمالي سوريا، إذ أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الأسبوع الفائت في مؤتمر صحافي قبل بدء جولته الخليجية، أنّ “شرط دمشق المتعلق بانسحاب القوات التركية من سوريا أمر لا يمكن أن يحدث، بذريعة وجود “الوحدات الكردية” بالقرب من الحدود التركية، وقال: هناك تهديدات متواصلة لتركيا من هناك.. لذلك نحن نبحث عن مقاربة عادلة، وبعد العثور على هذه المقاربة العادلة يمكن أن نتجاوز هذه المسألة وكل المسائل”، وفي الوقت نفسه أعرب أردوغان عن ترحيبه بلقاء الرئيس بشار الأسد”.
وفي السياق نفسه، أكد مدير الاتصالات في تركيا فخر الدين ألتون، في لقاء أجراه مع صحيفة “ديلي صباح” التركية، أنّ “أنقرة تتطلع إلى تمكين علاقاتها بأسلوب أكبر مع دول الجوار”، مشيراً إلى أن “تركيا تواصل انخراطها مع سوريا في المحادثات الرباعية من دون شروط مسبقة وبحسن نيّة.”
وفيما يتعلّق بالطلب السوري المتعلق بانسحاب القوات التركية كاملاً من سوريا، عد ألتون أنّ انسحاب القوات التركية من سوريا “لا معنى له الآن”، مشيراً إلى أن “الوحدات الكردية” ما تزال موجودة في سوريا بالقرب من الحدود السورية- التركية.
محادثات روسيّة- سوريّة
بعد أيام قليلة من انتهاء الاجتماع الرباعي في “أستانا” لبحث التقارب السوري- التركي، وصل نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين إلى دمشق في 26 من حزيران الفائت، والتقى الرئيس بشار الأسد، وأجرى معه مباحثات سياسية تناولت العلاقات بين سوريا وروسيا والتنسيق بينهما، بإضافة إلى قضايا محاربة الإرهاب والجهود المشتركة بين البلدين في ملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وفق ما نقلته “الرئاسة السوريّة”.
وأول أمس، أجرى الرئيس الأسد مباحثات مع مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، والوفد المرافق له، تناولت ملف عودة اللاجئين السوريين، كما بحث الجانبان التعنّت التركي في مسألة الانسحاب من الأراضي السورية”.
وفي 9 من تموز الجاري، أكد لافرنتييف أنّ العمل جارٍ لتطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، مشيراً إلى أنه سيتم إبلاغ رؤساء الدول عند الانتهاء لتحديد تفاصيل وتاريخ لقاء الرئيسين بشار الأسد ونظيره التركي رجب طيب أردوغان قريباً.
وقال لافرنتييف في لقاءٍ أجراه مع “العربية نت”، إنّ “هناك صعوبات محددة في طريق تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، من بينها الوجود العسكري التركي في الأراضي السورية، غير أن تقييم موسكو للمستوى الذي وصلت إليه وساطتها بين حليفتها سوريا وشريكتها تركيا جيد، إذ إنه لا يوجد أي تباطؤ في عملية التطبيع؛ لأنها تتطور شهريّاً”.
وتؤكد سوريا أن انسحاب القوات التركية من أراضيها هو المدخل لحدوث أي تقارب مع تركيا، وفي هذا الصدد سبق أن شدد الرئيس بشار الأسد، في لقاء جمعه مع معاون وزير الخارجية الإيرانية للشؤون الخاصة علي أصغر خاجي، في 12 من حزيران الفائت “على وضع استراتيجية مشتركة تحدد الأسس وتوضّح بدقة العناوين والأهداف التي تبنى عليها المفاوضات القادمة سواء كانت بخصوص الانسحاب التركي من الأراضي السورية أم بخصوص مكافحة الإرهاب أم بخصوص غيرها من القضايا، وتضع إطاراً زمنياً وآليات تنفيذ لهذه العناوين، وذلك بالتعاون مع الجانبين الروسي والإيراني”.
يشار إلى أنه منذ بداية مسار التقارب بين دمشق وأنقرة، ترى موسكو أنه لا ينبغي توقّع أي نتائج اختراق سريعة في هذا الأمر، فمن الصعب استعادة ما دُمِّرَ منذ اثني عشر عاماً، في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، غير أن انتقال سوريا وتركيا إلى اتصالات عامة مباشرة بعد هذه المدة من التجميد التام للعلاقات الثنائية بينهما يُعدُّ بحد نفسه نجاحاً كبيراً.
أثر برس