خاص|| أثر برس وسط غياب التصريحات الحكومية الرسمية بخصوص أوضاع أبناء الجالية السورية في السودان في ظل الصراع والمعارك التي تشهدها البلاد منذ السبت الفائت، اقترحت أوساط من الجالية عبر “أثر” السيناريوهات المحتملة لتنفيذ عملية إجلاء لأكثر المتضررين من أبناء الجالية التي تعد من الجاليات كبيرة العدد، خاصة أن الأغلبية منهم يقطنون في المناطق التي تشهد صراعاً بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”.
ووصفت الأوساط السورية في السودان، والمقيمة في العاصمة الخرطوم، في حديث لـ”أثر” بأنّ الوضع العام في الخرطوم غير مستقر أمنياً، خاصة في شارعي “الجمهورية” و”القيادة” الذي يقع فيه القصر الجمهوري وقيادة القوات المسلحة السودانية، وكذلك الجسور الثلاثة التي تربط أقاليم العاصمة بهذه المنطقة الاستراتيجية.
وقالت المصادر، إنّ “هذه المناطق هي مناطق اشتباك، وكذلك المنطقة التي يقع فيها مطار الخرطوم وهو خارج السيطرة حالياً نتيجة الأضرار التي لحقت بمدرج المطار والأبنية الخاصة به”، أمّا بالنسبة لبقية الشوارع الأخرى، تؤكّد المصادر أنّها متفرقة الأضرار وكذلك الحالة الأمنية فيها غير مستقرة، لافتةً إلى وجود حركة نزوح كبيرة من قبل السودانيين إلى المناطق المجاورة والتي يمكن أن تكون أكثر أماناً.
تمركز إقامة أبناء الجالية السورية في السودان
وفيما يخص أماكن إقامة أبناء الجالية السورية، في السودان بينت المصادر، أنّ الغالبية العظمى منهم يقطنون في منطقة “كافوري” الواقعة في الجزء الشمالي من العاصمة الخرطوم، وهي حالياً منطقة اشتباكات بين قوات الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” وقد تعرضت لقصف طيران، وسقطت فيها قذائف كثيرة، وهو ما تسبب بوفيات كبيرة من بينها أربعة سوريين، كما توفّى سوري آخر منذ يومين من عائلة الصقال (يدعى كرم عطيف الهادي بحسب ما تم رصده عبر مواقع التواصل الاجتماعي)، نتيجة سقوط شظايا على أحد محال العائلة التجارية
وأوضحت المصادر، أنّ هناك منطقة أخرى تأتي في المرتبة الثانية من جهة عدد السوريين المقيمين فيها وهي ومنطقة “الرياض” في قلب مدينة الخرطوم وهي أيضاً كانت نقطة اشتباك في الأيام القليلة الماضية.
وتقسّم العاصمة الخرطوم (العاصمة المثلثة) إلى ثلاثة مناطق وهي: مدينة الخرطوم الجنوبي أو كما تسمى (الخرطوم) وتقع بين امتداد النيل الأزرق والأبيض قبل التقائهما وضمن هذا القسم يوجد منطقة تسمى (كافوري) التي يقطنها السوريين، وبعد التقاء النيلين تنقسم العاصمة إلى قسمين غربي وشرقي، ويسمى القسم الشرقي منها بالخرطوم بحري (خرطوم شرق)، وأم درمان (خرطوم غربي).
لا إجراءات حكومية بخصوص أبناء الجالية
أكّدت المصادرلـ “أثر”، أنّ السفارة لم يُسمع منها أيّ مبادرة بخصوص عمليات تسجيل لإجلاء أبناء الجالية من مناطق الاشتباك، مطالبين بضرورة أن يكون هناك خطوة أولية من قبل البعثة الدبلوماسية لتسجيل أسماء الموجودين من أبناء الجالية ضمن قوائم معينة تتضمن معلومات كاملة عنهم وأماكن إقامتهم أسوة بما قامت به بعض الدول الأخرى، كالأردن، تحسباً لأي طارئ قد يحصل خلال الأيام القليلة المقبلة.
وتقع السفارة السورية في الخرطوم، في حي العمارة وهو من الأحياء القريبة من شارع النيل الذي تتمركز فيه مؤسسات الحكومة السودانية الرئيسة، وهو محط اشتباكات وتعرضت العديد من السفارات فيه، لأضرار من بينها السفارة السورية واللبنانية، ما أدى إلى توقف عمل السفارة هناك ومغادرة الطاقم الدبلوماسي فيها.
وأفادت مصادر دبلوماسية لـ”أثر” في وقت سابق، بأن السفارة تم إغلاقها في الأيام الماضية نتيجة تعرضها لأضرار من قبل قوات “الدعم السريع”.
ما هي الخيارات المتاحة لإجلاء السوريين؟
وتعليقا ًعلى الاحتمالات الممكنة لتنفيذ عمليات إجلاء للسوريين الموجودين في المناطق غير المستقرة أمنياً وتشهد حالة صراع، أكدت المصادر أنّ هناك احتمالين ولكن كلاهما يرتبطان بتوافر حالة عبور آمنة من العاصمة إلى الشمال، إذ أشارت المصادر إلى ضرورة أن يكون هناك تنسيق بين القيادة السورية ودول صديقة أخرى كالإمارات وروسيا للمساعدة في نقل أبناء الجالية غير الآمنين في حال أقدمت تلك الدول إلى إجلاء مواطنيها كما فعلت لبنان التي نسقت مع الحكومة الفرنسية.
ولفتت المصادر إلى وجود خيارات نقل مباشرة أخرى أسوة بما قامت به مصر والتي أجلت في اليومين الماضيين عدد كبير من أبناء جاليتها عبر مطار “دنقلا Dongola “، (455 كم شمال العاصمة الخرطوم) وهو منطقة آمنة ويُخدّم عاصمة الإقليم الشمالي.
وأوضحت المصادر، أنّه في حال توفير منطقة عبور آمنة للمدنيين، من الممكن أيضاً أن يتم التواصل رسمياً مع الحكومة المصرية لتسهيل عمليات عبور السوريين إلى الأراضي المصرية للوصول إلى مطار “أسوان” جنوب مصر وهو الأقرب إلى الحدود السودانية – المصرية ومنها إلى دمشق وهذه الخيارات المتاحة حالياً.
عين “أثر برس”
رصد “أثر برس” من خلال ما نشره أبناء الجالية السورية في السودان على مواقع التواصل الاجتماعي، إطلاق العديد منهم هاشتاغ (نداء للسفارات)، (أنقذوا السوريين في السودان)، إذ وجهوا استغاثة للجهات الدبلوماسية المسؤولة عن شؤونهم في الخرطوم، مؤكدين أن الوضع يزداد سوءاً في المناطق الموجودين فيها، مشيرين إلى أن الوضع يتفاقم سوءاً نتيجة الصراع الذي أثّر على توفر الخدمات الرئيسة كالكهرباء والمياه، وأدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية واحتكارها، وكذلك تدني الخدمات الصحية، مطالبين بضرورة النظر في شؤون أبناء الجالية واتخاذ القرارات المناسبة لحمايتهم.
ونشر أحد أبناء الجالية السورية في صفحة “الجالية السورية في السودان “SCI”، أنّ “هناك جثمان لأحد السوريين توفّى منذ يومين في شارع الستين ولم يُدفن بعد”، على حين أكّد آخرون أنه دفن في منطقة جريف، كما ذكر أخرون أنّ مواطن سوري آخر توفّى بالرصاص وهو يقود سيارته في منطقة الروابي في مدينة خرطوم بحري.
وتعاطفاً مع أوضاع السوريين، رُصدت عدد من المبادرات الفردية التي أطلقها السودانيّون في الأرياف الآمنة وفي منطقة “أم درمان” و”ولاية الجزيرة”، إذ وجّه عشراتٌ من أبناء القرى نداءات لأبناء الجالية السورية لاستضافتهم في قراهم؛ لأن أغلب السوريين يقطنون منازل بالأجرة في مدن الشمال السوداني.
قصي المحمد